للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السيد الأجل أسد الدولة ومقدمها وناصحها كالنهار المانع أشتد هجيره وطاب بَرداه، وكالسيف القاطع لأن صفحه وخشن حداّه. خذ العفو وأمُر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.

فقال صالح قد وهبتهم لك أيها الشيخ. ولم يعلم أبو العلاء أن المال قد قُطع عليهم وإلا كان قد سأل فيه).

ونقل ياقوت أيضاً عن القفطي أنه وجد على ظهر ديوان الأعشى في مدينة قفط سنة ٥٨٥ ما يأتي: (حكي أن صالح ابن مرداس صاحب حلب نزل على معرة النعمان محاصراُ لها ونصب عليها المجانيق وأشتد في الحصار لأهلها فجاء أهل المدينة إلى الشيخ أبي العلاء لعجزهم عن مقاومته لأنه جاءهم بما لا قبل لهم به وسألوا أبا العلاء تلافي الأمر بالخروج إليه بنفسه وتدبير الأمر برأيه أما بأموال يبذلونها أو طاعة يعطونها. فخرج ويده في يد قائده وفتح الناس له باباً من أبواب معرة النعمان، وخرج منه شيخ قصير يقوده رجل. فقال صالح هو أبو العلاء فجيئوني به. فلما مثل بين يديه سلم عليه ثم قال: الأمير أطال الله بقاءه كالنهار المانع الخ.

وهذه الحادثة ذكرها المعريّ في موضعين من اللزوميات في حرف الدال المكسورة واللام المكسورة. يقول:

تغيّبت في منزلي بُرهة ... ستيرَ العيوب فقيد الحسد

فلما مضى العمر إلا الأقلَّ ... وُحمّ. لروحي فراقُ الجسد

بُعثتُ شفيعاً إلى صالح ... وذاك من القوم رأى فسد

فيسمعُ منّى سجع الحمام ... وأسمعُ منه زئير الأسد

فلا يعجبَنّي هذا النَفاق ... فكم نفّقت محنه ما كسد

ويقول:

آليت أرغب في قميصِ مموِّه. ... فأكون شارب حنظل من حنضل

نجىَّ المعاشر من براثن صالح ... ربُّ يفرجِّ كل أمر مُعضل

ما كان لي فيها جناحُ بعوضةٍ ... والله ألبسهم جناحَ تفضُّل

فهاتان القطعتان نظمتا في حادث وقع سنة سبع عشرة وأربعمائة. والظن أن نظمهما لم يتأخر عن هذا التاريخ كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>