للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مضى قَيلُ مصر إلى ربِّه ... وخلَّى السياسة للخائل

وقالوا يعود فقلنا يجوز ... بقدرة خالقنا الآئل

إذا هبَّ زيد إلى طيَّئ ... وقام كليب إلى وائل

أظن أن قَيل مصر المعنىّ في هذا البيت هو الحاكم بأمر الله الفاطميّ، فهو الذي انتظر بعض الناس عودته. والحاكم هلك سنة ٤١١. فالظاهر أن هذه الأبيات نظمت قريباً من هذا التاريخ.

(ب) سن المصري في اللزوميات:

يذكر المعري سنه في اللزوميات تصريحاً وتلويحاً؛ تارة يقول بلغت كذا أو جاوزت كذا، وتارة يقول: إذا بلغ الإنسان كذا آن له أن يرعوي أو حان له أن يهلك. وقد عَبرت اللزوميات مستقصياً الأبيات الذي يذكر فيها سنّه؛ فإذا هو يذكر الأربعين مراراً ويذكر الخمسين كثيراً ولا يذكر ما دون الأربعين إلا مرة واحدة قدمت الكلام فيها، وذكر السبعين مرة سأثبتها من بَعد.

يقول في الهمزية التي افتتح بها اللزوميات:

إذا ما خبت نار الشبيبة ساءني ... ولو نُصّ لي بين النجومِ خباء

أرابيك في الودّ الذي قد بذلتَه ... فأضعِفُ إن أجدىَ لديك رباء

وما بعد مرّ الخمس عشرة من صبا ... ولا بعد مرّ الأربعين صَباء

ويقول:

خَبر الحياة شرورها وسرورها ... من عاش مدة أول المتقارب

وأفى بذلك أربعين فما له ... عذر إذا أمسى قليل تجارب

ومتى سرى عن أربعين حليفها ... فالشخص يصغر والحوادث تكبر

ورميت أعوامي ورائي مثل ما ... رمت المطىُّ مهامه السُفَّار

وركبت منها أربعين مطيّة ... لم تخْلُ من عَنَتٍ وسوء نِفار

شربتُ سِني الأربعين تجرعا ... فيا مقراً ما شربهُ في ناجع

ويجوز أن تدل هذه القطعة أنه بلغ ثمانياً وأربعين:

عش يا ابن آدم عدة الوزن الذي ... يُدعي الطويلَ ولا تجاوزه ذلكا

<<  <  ج:
ص:  >  >>