والذي أراه أن محموداً الذي أكثر المعري ذكره هو سلطان ذاع صيته في ذلك العصر وضرب المثل بقدرته وغناه، هو يمين الدولة السلطان محمود بن سبكتكين فاتح الهند. ولهذا قرنه المعري بالخليفة في البيت:
لا كانت الدنيا فليس يسرني ... أني خليفتها ولا محمودها
والسلطان محمود تولى من سنة ٣٨٧ إلى سنة ٤٢١. فهذه الأبيات التي تضمنت أسمه قبل سنة ٤٢١ ولا ريب؛ لأن المعري يذكره ذكر الحياء، ويقول: سيموت محمود. . . الخ). ويؤكد ما رأيته في محمود هذا أن الشاعر يقول في اللزوميات أيضاً:
محمودنا الله والمسعود خائفة ... فعدّ عن ذكر محمود ومسعود
ملكان لو أنني خيّرت مُلكهما ... وعُود صَلب أشار العقل بالعود
ومسعود هو ابن السلطان محمود استقر له الملك سنة ٤٢١ بعد أن ظفر بأخيه محمد. وبقي له السلطان حتى سنة ٤٣٢. وأما السلطان محمود السلجوقي وأخوه مسعود فقد ملكا في القرن السادس الهجري.
رابعاً - كان أبو القاسم المغربي الوزير ممن أقام بالمعرة، وكان يوادّ المعري ويراسله، وكان المعري يحفظ له ولأبيه من قبلُ أياديه. فلما توفي رثاه بأبيات مثبته في اللزوميات. ولا أعرف فيها رثاء لغيره أو مدحا صريحاً.
ليس يبقى الضرب الطويل على الده ... ر ولا ذو العبَبالة الدرِحايه
يا أبا القاسم الوزير ترَّحا ... ت وخلَّفتني ثقال رحايه
وتركت الكتب الثمينة للنا ... س وما رحت عنهمُ بسَحايه
ليتني كنت قبل أن تشرب المو ... ت أصيلاً شربتُه بضُحايه
إن نحتْك المنون قبلي فإني ... منتحاها وإنها منتحايه
أمُّ دَفْر تقول بعدك للذا ... ئق لا طعم لي فأين فحايه
إن يَخطّ الذنبَ اليسير حفيظا ... ك فكم من فضيلة محاَّيه
وهذا الوزير توفي سنة ٤١٨. فهذه القطعة نظمت في هذه السنة.
خامساً - يقول المعري:
ألم ترني وجميع الأنام ... في دولة الكذب الذائل