إلى (السليقة).
وما اختار الأئمة الذي اختاروه وآثروا شاذاً على مطرّد أو منقاس عن جهل أو غفلة، ولكن هو ذوقهم العالي الذائق، وحسهم الدقيق اليقظ، قاداهم إلى التي هي أحسن والتي هي أقوم. وفي (استحوذ - في الكتاب - واستحاذ) حجة الشاذ.
وبعد فلهذه (الطباع) التي هاجها بعد السكون وبعد طول الزمن العليّ بخلقه وبعلمه وبفضله الأستاذ عبد المتعال قصة طويلة. وإنها لحقيقة بالرواية في (الرسالة) وهذه قصتها مختصرة:
أبو على الفارسي يقول: الطبع مصدر ثم كثر فسمي به الطباع.
وأبو القاسم الزجاجي يقول: الطباع واحد مذكر كالنحاس والنجار.
وأبن الأثير صاحب النهاية يقول: هو أسم مؤنث على فعال نحو مهاد ومثال.
وابن سيدَهْ في (مخصصه) يقول: طباع الإنسان يذكر ويؤنث، والتأنيث فيه أكثر، وهو واحد مثل النجار إلا أن النجار مذكر.
وأبو حاتم - كما ذك المخصص - يقول: الطباع مذكر لا غير إلا أن تُتَوهم الطبيعة.
والأزهري صاحب التهذيب يقول - كما نقل اللسان والتاج - يجمع طبع الإنسان طباعاً.
والأزهري أو غيره يقول - كما نقل اللسان والتاج -: الطباع واحد طباع الإنسان على فعال.
قلت: فهو عنده كهجان وهجان ودلاص ودلاص.
وصاحب (شفاء الغليل) يقول مورداً نقد ابن قتيبة وتعقب البطليوسي: طباع واحد مذكر كالطبع ومن أنثه ذهب إلى معنى الطبيعة. وقد جوّز أن يكون جمع طبع ككلب وكلاب قال ابن السِّيْد في شرح أدب الكتاب فليس خطأ كما توهم
والمجد يقول في (قاموسه): الطبع والطبيعة والطباع ككتاب السجية جبل عليها الإنسان، أو الطباع ككتاب ما ركب فينا من المطعم والمشرب وغير ذلك من الأخلاق التي لا تزايلنا.
وأبو عبد الله محمد بن الطيب يقول في (شرحه القاموس) ناقداً المجد: ظاهر بل صريحه كالصحاح أن الطباع مفرد كالطبع والطبيعة وبه قال بعض من لا تحقيق عنده تقليداً لمثل المصنف، والمشهور الذي عليه الجمهور أن الطباع جمع طبع.