للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحروف والحركات؟

لنا أحد فرضين: إما أن الرجل كان يأمر كاتبه أن يثبت كل حرف في فصل على حدة، وكان يستعيد، قوافيَ هذا الفصل فيكمل نقصه حتى كملت الحروف والحركات؛ وإما أنه جعل الكتاب كله مجموعة واحدة على غير تفصيل، وكان يقصد إلى تغيير الحروف كل حين على غير ترتيب؛ فلما اجتمع له مقدار كبير من المنظوم رتبه وأكمل نقصه. وبهذا يُشعر قوله في المقدمة. هذا حين أبدأ وأكمل نقصه. وبهذا يُشعر قوله في المقدمة. وهذا حين أبدأ بترتيب النظم.

ونحن نجد في الكتاب قطعاً نظن أنها لم تنظم إلا لضرورة هذا الاستيعاب فالثاء المفتوحة، والذال الساكنة، والضاد المضمومة، والطاء الساكنة، والهاء الساكنة، لم يَنِظم في كل منها إلا بيتين اثنين وهما أقل ما ينظم لإنفاذ خطته. وقد قال هو هذا في آخر المقدمة

- ٤ -

نظم أبو العلاء ملتزماً ما لا يلتزم، ومستوفياً الحروف وحركاتها، ورتب كتابه على الحروف وعلى حركات كل حرف، قال في آخر المقدمة:

(وهذا حين أبدأ بترتيب النظم وهو مائة وثلاثة عشر فصلا؛ لكل حرف أربعة فصول. وهي على حسب حالات الرويّ من ضمْ وفتح وكسر وسكون، وأما الألف وحدها فلها فصل واحد، لأنها لا تكون إلا ساكنة. وربما جئت في الفصل بالقطعة الواحدة أو بالقطعتين ليكون قضاء لحق التأليف. وبالله التوفيق).

وقد أدركت أنا بالتأمل في فصول اللزوميات، ترتيباً آخر لم ينبه إليه المعري، وهو ييسر على الباحث عن الأبيات في الكتاب، زيادة على التسيير بترتيب الحروف والحركات؛ ذلك أن الأوزان في كل فصل مرتبة على ترتيب الدوائر والأبحر عند العروضيِين.

فنجد البحر الطويل في الفصل مقدماً على غيره، والمتقارب مؤخراً عن غيره. والأبحر بينهما على ترتيبها. وليس معنى هذا أنه استوفى في كل فصل الأبحر الخمسة عشر، بل المعنى أن ما يوجد من الأوزان في فصل يلتزم فيه الترتيب.

فالذي يبحث عن قطعة أو بيت على الراء المفتوحة - مثل - لا يلزمه، إذا عرف الوزن، أن يبحث في أبيات الراء المفتوحة كلها، بل يطلب البحر الذي فيه وزن القطعة أو البيت

<<  <  ج:
ص:  >  >>