للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تاريخها على قطعة في حرف الميم، وينبغي ألا ينظر إلى الترتيب الهجائي في تتبع آراء أبي العلاء في لزومياته.

- ٢ -

ودليل آخر: أنّ كثيراً من القطع المتوالية تتفق في الموضوع أو تتفق في الوزن والقافية بل تتفق في كلمات القافية أحياناً. فلو أنه نظمها ولاء لم يكن للفصل بينها وجه، وكان يلزم أن تكون قطعة واحدة، ولو نظمها قِطَعاً متوالية لم يُجِز لنفسه أن يكرر فيها القوافي والمعاني. فليس الفصل بينها إذا إلا بأنها نظمت في أحيان مختلفة ثم جمعت.

أنظر إلى هاتين القطعتين، وهما متواليتان على الميم المضمومة:

العقل يخبر أنني في لجَّة ... من باطل وكذاك هذا العالم

مثلُ الحجارة في العظات قلوبنا ... أو كالحديد فليتها لا تألم

ويليها:

لم تَلقَ في الأيام إلا صاحباً=تأذى به طول الحياة وتألم

ويُعَدُّ كونُك في الزمان بليَّةً ... فاصبر لها فكذاك هذا العالم

ويقول من قطعة في حرف القاف:

مرازبُ كسرى ما وقت مهجة له ... وقيصر لم يمنع ردَاه البطارق

وفي قطعة تليها:

وهل أفلت الأيام كسرى وحوله ... مرازبه أو قيصر وبطارقه

فلو أن القطعتين نظمتا ولاء ما كرر هذا المعنى.

وأما القطع المتوالية المتفقة في الوزن والقافية، والروي وحركته أو سكونه فكثيرة لا تحوج إلى التمثيل هنا، والأمر كله أبين من أن يطال فيه الكلام.

- ٣ -

وهنا نسأل: إن كان أبو العلاء لم ينظم على ترتيب الحروف والحركات فكيف ضمن الوفاء بما التزم من استيعاب الحروف وحركتها؟ إن كان قد نظم على الروي والحركة اللتين تعنَّان له دون أن ينتقل من حرف إلى ما يليه ومن حركة إلى ما بعدها فكيف استوعب

<<  <  ج:
ص:  >  >>