الإسلامية الأخرى، وعلى الأخص الشيعة والمعتزلة، ولا يلزم أن يكون أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية كما ذكر الأستاذ يوسف موسى، لأنه قبل الإمام أبي الحسن على ابن إسماعيل الأشعري المتوفى ٣٢٤هـ، كان مذهب أهل السنة موجوداً في مقابل الفرق الإسلامية التي تخالفه. كما أن فرقة الأشاعرة بعد موت الأشعري تعمقت في علم الكلام للرد على المعتزلة وعلى غير المعتزلة، في الوقت الذي بقى فيه كثير من المسلمين متمسكين بالسنة من غير أن يكونوا معتزلة أو أشاعرة. أما أصحاب الحديث، فيذكرون عادة في مقابل أصحاب الرأي من الفقهاء، كما هو معروف.
ومع ذلك فالتفرقة الدقيقة بين أهل السنة وأصحاب الحديث لا يستمسك بها كثير من العلماء. فمنهم من يجعل أصحاب الحديث اصطلاحا مرادفا لأهل السنة، فيتكلم على أصحاب الحديث في مسائل كلامية لا فقهية. ونقصد هنا بالمسائل الكلامية، الاعتقادات لا العبادات. قال الإمام المحدث المفسر شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل الصابوني المتوفى ٤٤٩هـ في رسالته عقيدة السلف وأصحاب الحديث (أصحاب الحديث حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول (ص) بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله (ص) على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه. . .)
وقد كان القابسي من أهل السنة، كما كان من أصحاب الحديث. فإذا كنت قد وصفته في بعض الأحيان بإحدى الصفتين فلم أكن مجانباً في ذلك الصواب. وبخاصة إذا لم يكن المقام يقتضي المقابلة بين الفرق المختلفة. أما إذا كان المقام مقام تفرقة صريحة بينه وبين المتكلمين من المعتزلة، فقد عنيت بالنص على أنه من أهل السنة.
أما المسألة الثانية وهي الحكم على المعتزلة بما ذكره الغزالي، وقد كان يحسن أن ألتمس الحكم عليهم من كتبهم أنفسهم، فإنما ذكرته هو ما كنت أعنيه؛ لأني أردت بيان رأي خصوم المعتزلة في آرائهم، ولم يكن يهمني تحقيقها من كتبهم.