رأيي في الأدب النسوي لا يسر المرأة ولا يروق ربات البنان المخضب، ولكني أعترف كما يعترف غيري أننا قرأنا من نتاج الأدبيات في مصر ما طربنا به شيئاً، وإن كنت أجد فيه إلى جوار نأمل المرأة أصابع الرجل تنقيه مرة وتشجعه مرة أخرى وقد تقومه أو توجهه. والذي يؤلم أن أدب الأنوثة كنار الهشيم تعلو سريعاً ثم تهبط وإلا فأين (صوت سهير القلماوي) وأين نفخات الأنوثة في (قلم ابنة الشاطئ) وأين طرائف المبدعات من (وداد صادق عنبر) وبيانها المنزل من موروث والدها. أين؟ وأين؟ أظن (البيت) هو الذي طغى على رسالة القلم عند هؤلُيَّائكنَّ. ولا حرج فالطبيعة تقضي.
غير أني اليوم أطالع مرايا الناس للسيدة وداد سكاكيني الكاتبة الشرقية فأعجب كف أن الطبيعة لم تغلبها، وحرفة الأمومة لم تنهنه من حماسها الأدبي ولم تبلبل تيارها العارم؛ أعجب ولا يدفعني هذا إلى أن أقول كما قال الناقد القديم. (تلك التي غلبت الفحول) لا أقول ذلك وإنما أدعو القارئ إلى أن يرد مراياها ويقف على شخصيتها ويتملى من أسلوبها ليعجب بقصصها الإنساني الذي أتخذ من صلاته بالمرأة درساً وتحليلاً ثم جاء تعبيراً سامياً في إطار يشوق وإخراج يروق. وحتى لا أحرم القارئ أو يرميني بمجاملة الضيفة الصديقة أضع أمامه قطعة من (شقيقة نفسي) تكتشف عن جمال في العبير وإبداع في التصوير ورفعة في الأسلوب الذي تحسد عليه المرأة وتغبط السيدة وداد.
(في صيداء مدينة الزهر والعطر، الحالمة بمجدها على شاطئ الأبيض الجاثم بوداعة وفطنة ليداعب بمده وجزره تلك الرمال النقية فإذا وليت وجهك شطر البيوت تركت البحر يواجه بأمواجه القلعة العتيقة السادرة في ذكرياتها، ثم أقبلت بالنظر على جنات ألفاف، وأفواف خلف أفواف، وحدائق وراء بساتين رفافة النسيم سمراء الأديم قد شاعت فيها أنفاس الفردوس، وليكن هذا في الربيع حين يعبق في هواء صيداء عطور النارنج والليمون).
وأخشى أن أطيل وأمضي بك في كثير من القطع الفنية التي صاغتها ريشة تغني بعواطف المرأة وتجارب الأنثى وتأملاتها في الحياة والمجتمع وصلات الناس.
نعم قد تمر على بعض القصص فلا تفجأ بالحادثة، وقد تمر بك الخطرات والنظرات وأنت تقرأ كأنها النسيم يمضي رخاء دون أن يلفحك أو يعصر قلبك لأن السيدة وداد رفيقة