يغرب عن باله لم أتخير في سرد هذه النماذج الشعرية أحسن ما قيل ولا أروع ما نظم، بل ذكرت ما شاع على الألسن دون أن أتكلف عناء البحث والاختيار
قلت في معرض كلامي إنه نبغ عندنا شعراء وأدباء جديرون بالإعجاب والتقدير، وفي مقدمة هؤلاء كبير الأدباء وحامل لوائهم الأستاذ محمد سرور الصبان، فمن شعره قوله يناجي الليل:
يا ليل صمتك راحة ... للموجعين أسى وكربا
خففت من آلامهم ... ووسعتهم رفقاً وحبا
أو ما ترى حدث الزما ... ن أمضهم عسفاً وغلبا؟
يا ليل إن بسم الخل ... ى وسادر لهواً ولعبا
فبجنبه يبكي الشج ... ى وربما لم يأت ذنبا
هذا ينعم باله ... وأخوه يصلي النار غصبا
يا ليل فارق محدثاً ... أخبارنا غبا فغبا
فلنا بذلك حاجة ... إن تقضها فرجت كربا
وابدأ حديثك بالآلي ... عانوا من الآلام وصبا
فعسى بهم تأسو وعلى ... لنا بذلك منه طبا
يا ليل ما. للبدر يم ... رح في السما شرقاً وغربا
يبدو فيضحك ساحراً ... منا وطوراً قد تخبا. . .
يعلو على متن السحا ... ب يسوقها سرباً فسربا
أتراه يعبث كالولي ... د فليس يخشى بعد عتبا
يا ليل ما شأن الغرا ... لة سيرها تيهاً وعجبا
سكرى ترنح عطفها ... دلا فلا يستطيع خبا
تخذت لها مهد السما ... ء كمرقص فتدب دبا
طردت إليك بناتها ... فضممتهن إليك ربا
تلك النجوم المشرقا ... ت وجوهها بشراً وحبا
وهكذا يمضي - حفظه الله - في القصيدة على هذا النمط المستعذب حتى يتمها.