ولم يزل المترجم عاكفاً في داره، مقبلاً على شأنه، وحببت إليه العزلة فابتنى داراً بجهة القبة انتقل إليها وسكنها، ولم يقم ابن عمه في الأزهر طويلا بل توفي فجأة بعد نحو شهر من ولايته سنة ١٣١٧، فولى على الأزهر الشيخ سليم مطر البشري المالكي ثم استقال فأقيل يوم الأحد ٢ ذي الحجة سنة١٣٢٠، وأراد الخديو إعادة المترجم أو تولية الشيخ محمد بخيت فلم يوافق النظار وتولى الشيخ على بن محمد الببلاوى المالكي نقيب الأشراف على الأزهر ثم استقال يوم الثلاثاء ٩ المحرم سنة ١٣٢٣ فأقيل يوم السبت ١٢ منه، وصدر الأمر العالي يوم الأحد ١٣ منه بإقامة الشيخ عبد الرحمن الشربينى الشافعي ثم استقال فأقيل بأمر صدر يوم الأربعاء ١٦ ذي الحجة سنة ١٣٢٤ وصدر أمر آخر في ذلك اليوم بإعادة المترجم شيخاً على الأزهر وهى توليته الثانية، ولكنه لم يمكث فيها طويلاً بسبب اختلال الأحوال، ونزوع المجاورين للفتن، وذهاب هيبة المشايخ، فاستقال سنة ١٣٢٧ ورتب للشيخ الشربيني ١٥ ديناراً مصرياً في الشهر من الأوقاف الخيرية ليكمل مرتبه ٢٥ ديناراً.
وأعيد إلى الأزهر الشيخ سليم البشري، ولزم المترجم داره التي بالقبة يزوره محبوه ويزورهم، ونال في توليته الأولى الوسام المجيدي من الدرجة الثانية، وجعل حينذاك عضواً من الأعضاء الدائمين بمجلس شورى القوانين ومن شرط هؤلاء الأعضاء انهم لا يعزلون، ولهذا بقى المترجم به بعد عزله من الأزهر والافتاء، حتى الغي المجلس واستعيض عنه بالجمعية التشريعية سنة ١٣٣٢ فانفصل عنه بحكم الإلغاء.
وظل مقيماً في داره التي بالقبة في عزلة على الناس إلى آخر حياته، وقد أصيب بأمراض ووهن في القوى وضعف في النظر حتى توفي صباح يوم الأحد ٢٤ شوال سنة ١٣٤٣، ودفن في العصر بالمجاورين تغمده الله برحمته.