ومعنى الكلمتين (المندوب عن الجماعة). وليست الإمامة في الصلاة عند اليهود وظيفة دينية رسمية في الأصل؛ إذ يستطيع أي مصل من المصلين إمامة إخوانه في الصلاة إذا كانت له المؤهلات الكافية والصفات التي يجب أن تتوفر في الزهاد والمؤمنين. ثم خصصت الإمامة (شليح صبور)(حزان) في أشخاص معينين يمارسون هذه المهمة ويقومون بتنفيذ طقوس الصلاة. وهذا التخصيص هو من قبيل العرف والعادة فقط إذ لا يتيسر في الغالب لجميع المؤمنين معرفة قواعد الديانة ولا سيما بعد القضاء على المملكة اليهودية وبعد تشتت شمل اليهود وتكلمهم بلغات جديدة هي لغات البلاد التي رحلوا إليها وإغفالهم أمر اللغة العبرية حتى غدت لغة غريبة بالنسبة لأكثر العبرانيين الذين ارتحلوا إلى البلاد الأجنبية فاحتاج اليهود بحكم الضرورة لا بحكم الدين إلى (إمام) يحسن اللغة العبرية القومية ويحفظ القطع المقدسة التي تتلى في الصلاة وأصبح هؤلاء الذين لم ينسوا لغتهم وأمور دينهم بمرور الزمن أئمة ورجال دين.
وهذا هو عين ما حدث في الإسلام، فالديانة الإسلامية لم تعين مبدئياً طبقة خاصة لتقوم بواجب (الإمامة) في الصلاة. ولم تعترف بطبقة (كهنوتية) تحتكر لنفسها تعليم الدين وإقامة شعائره من دون سائر الناس. ولا إمامة الناس في الصلاة دون سائر المؤمنين المصلين. وقد كان النبي (ص) نفسه يأتم بغيره كما كان الصحابة يأتم بعضهم ببعض. نعم قد كان الرسول ينص على صحابي معين بإمامة الناس في الصلاة؛ ولكن ذلك لا يعني حصر الإمامة فيه ما دام حيَّا بل كان ذلك في ظروف خاصة وأحوال معينة. جاء عن مالك بن الحويرث أنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي فأمْنا عنه عشرين ليلة، وكان رحيماً رفيقاً؛ فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا؛ فإذا حضر الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم).
وحدث مثل ذلك من الخلفاء الراشدين: كانوا يعينون رجلا بعينه مع الأمير أو القائد لإقامة الصلاة. أو كانوا ينصون على الأمير نصاً بإمامة الناس في الصلاة. غير أن ذلك لا يعني كما قلنا آنفاً أن الإمامة مرتبة من المراتب الدينية أو وظيفة معينة لا يتقلدها إلا بعض الأشخاص من ذوي الرتب والدرجات الروحية. وإذا كانت الإمامة في المساجد اليوم تعيينا - في بعض البلاد الإسلامية فإن ذلك لا يعني شرعاً أن الإمامة في المساجد لا تكون إلا