ويعاد الأذان في داخل المسجد بصورة مختصرة إذ تذكر عبارات لآذان مرة واحدة قبل المباشرة بالصلاة، ويطلق على هذا الأذان كلمة (إقامة).
فالأذان كما رأيت ضرورة من الضرورات التي اقتضتها الظروف الاجتماعية والسياسية التي نشأت في المدينة. ويقول المستشرق بيكر (الأذان في الإسلام لا يمثل فكرة الدعوة إلى الصلاة، أو بتعبير آخر: الأذان تماماً لأن عناصر الدعوة إلى الصلاة فيه قليلة أو تكاد تكون معدومة؛ فهي لا تتمثل فيه تمام التمثيل وليس الأذان على رأيه إلا قطعة من القطع الكنائسية التي يرددها الكاهن والشماس حيث الترجيع الديني بين الاثنين. يقوم الإمام في الإسلام مقام الكاهن؛ أما المؤذن فيؤدي واجبات الشماس).
وهذه النظرية خاطئة طبعاً؛ فالأذان وإن كان يعيده الإمام إقامة. فإن المصلين يعيدونه أيضاً. ولا وجه للشبه أبداً بين الترجيع الديني في الكنائس وبين الأذان عند المسلمين.
وذهب المستشرق اليهودي ميتوخ إلى أن الأذان في الإسلام مأخوذ من الأذان عند اليهود. وحجته في ذلك هو دعوة المؤذن (اللاويين) إلى الصلاة وعادة النفخ في الصور (البوق). تلك العادة التي لا زال اليهود يمارسونها حتى اليوم في طقوسهم الدينية في نهاية السنة، والتي كانوا يمارسونها سابقاً في عهد الهيكل لإعلان أوقات الأضحية، وفي أيام الجمع قبيل قدوم المساء لإعلان قدوم السبت إلى الجمهور. وفي عهد التلمود المتأخر.
أما حجته في أن اليهود يدعون طبقة اللاويين إلى أخذ محلاتهم قبل البدء في الصلاة وتلك الدعوة هي علامة الأذان أو الأذان بعينه، فإن تلك الدعوة هي دعوة خاصة في داخل (الكنيس) بينما الأذان دعوة عامة لجميع المصلين السامعين. وعبارات الأذان الإسلامي تختلف كل الاختلاف عن عبارات دعوة اللاويين. واليك هذه الدعوة: أيها الكهنة استعدوا لأعمالكم. أيها اللاويون قفوا في مصاطبكم. أيها الإسرائيليون خذوا مواقعكم)
وهذه الفقرات هي فقرات خاصة بطبقة كما ترى.
وأما قضية (التبويق) فقد رأيت أن النبي (ص) كرهها كما كره استعمال الناقوس. وليس هنالك بين الأذان وبين التبويق أي وجه من أوجه الشبه، اللهم إلا الفكرة والفكرة عامة في جميع الأديان.
يقول المستشرق ميتوخ: (يظهر من عبارة وردت في كتاب المقريزي أن الأذان إنما كان