تلك هي قصة الأذان في الإسلام. وهي قصة تناقض رأي من قال من المستشرقين بأن الأذان في الإسلام إنما هو ترديد لأذان اليهود أو لأذان النصارى وهو دق الناقوس.
أما في مكة وقبل الهجرة فلم تكن هنالك ضرورة للأذان، لأن الحكم كان للوثنية، ولان الجماعة الإسلامية لم تكن سوى أقلية لا قبل لها بالتظاهر أمام الوثنيين. فلما استقر النبي (ص) في المدينة وتكاثر عدد المسلمين أصبح الأذان ضرورة لابد منها، ولم تعد كلمة (الصلاة جامعة) تكفي لأداء وظيفة إسماع الناس في أقاصي المدينة وكل المسلمين شوق لأداء الفرائض مع النبي (ص) فصار بلال يدعو إخوانه من علٍ إلى الصلاة بالشكل المعروف. واقتصرت كلمة (الصلاة جامعة) على صلاة العيدين حتى ينادى بها إلى اليوم.
وكانت هنالك كلمة أخرى بسيطة يرددها المسلمون قبل معرفتهم الأذان؛ والظاهر أنها كانت أبسط شكل من أشكال الأذان هي (الصلاة. الصلاة) ولعلها أقدم عهداً من كلمة (الصلاة جامعة) وهذا الشكل البسيط من الدعوة إلى الصلاة كان يردده الخلفاء أنفسهم حين مجيئهم إلى المسجد صباحا على الأخص لتنبيه النائمين وطالما قرأنا في كتب التاريخ كلمة (الصلاة. الصلاة يرحمكم الله) لتنبيه الغافلين إلى الصلاة ولا زالت مستعملة إلى الآن في صلاة الصبح جماعة على الأخص.
ويتألف الأذان الذي أقره الرسول (ص) من سبع فقرات، السادسة منها تكرار للأولى. وتردد العبارة الأولى أربع مرات متتاليات، والمالكية ترددها مرتين، كما تردد كل عبادة من العبادات الأخرى مرتين ما عدا العبادات الأخيرة فينادى بها مرة واحدة فقط. وبعد أن يؤذن بالعبارتين الثانية والثالثة مرتين يرفع الصوت بها عند المرة الثالثة. وقد أوصى بهذا الترجيع الشرع. أما الحنفية فترفضه. ويضاف إلى أذان الصبح عبارة (الصلاة خير من النوم). عند أهل السنة، وتردد مرتين (تثويب) بين العبارة الخامسة والسادسة.
ويتفق المسلمون جميعاً على صيغة الأذان؛ وهذا يدل على أنه كان على هذه الصورة منذ عهد الرسول. غير أن هنالك خلافاً بسيطاً بين أهل السنة وبين الشيعة في عبارة (أشهد أن علياً ولي الله) التي تردد مرتين بين الفقرتين الثالثة والرابعة؛ وفي عبارة (حي على خير العمل) التي تردد مرتين بين الفقرتين الخامسة والسادسة.