للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرأي لكم!)

والتفت السلطان نحوهم وطلب إليهم (بأن يتحالفوا ثانياً، وألا يخون منهم أحد، والخائن يخونه الله تعالى وعليه لعنة الله) ثم أمر بأن ينادي بالرحيل، وتحركت القوى إلى حيث تلقى جموع العثمانيين في شمالي حلب على بعد ثلاثين كيلو متراً في وسط سهل مرج دابق ليوم من أيام مصر السود، وهو يوم الأحد ٢٥ رجب سنة ٩٢٢، وهناك كان مثوى ملك الأمراء سيباي آخر من حكم دمشق باسم مصر

في يوم شديد الحر وقد انعقد الغبار حتى صار لا يرى المقاتلون بعضهم بعضاً خطت الأقدار حكماً ضد مصر وجندها فخسروا المعركة بعد يوم لعبت فيه البطولة والخيانة وعظمة النفس مع الكيد وسوء الظن معا، وكان على رأس جند الشام سيباي في ميمنة الجيش يقاتل قتال المستميت، ويصادم مع أمراء مصر لكسب معركة خاسرة. قال المحلي: (ولكنهم مع قلتهم أوقفوا هذا الجيش العظيم ولم يقدر أحد منهم أن يتقدم). وفي مواجهة العدو وتحت لأمة الحرب سقط أمير الأمراء سيباي الكافلي مع من استشهد في وطيس ذلك النهار.

ماذا كان من أثر ذلك اليوم؟ كان أن أصبحت مصر العظيمة تحت الجزية بعد أن أمضت القرون تفرض الجزية على غيرها.

وفي حارة من حارات دمشق على رأس شباك من زاوية يطلق عليها اسم زاوية السلطان عمر بن عبد العزيز أبقى الزمن هذا المرسوم بالخط النسخ المملوكي منقوشاً على الحجر

(مما رسم بالأمر الكريم العالي المولوي السيفي سيباي مولانا ملك الأمراء كافل الشام المحروسة اعز الله أنصاره بأبطال المظلمة المحدثة على حارة القنوات بسبب واقع في النهر وبأبطال الجبايات والحماية وشيخ الحارة). تلك تحية من الزمن لمصر الخالدة!

أين عظامه؟ أين تراثه؟ أين الأوقاف التي أرصدها على مدرسته بدمشق؟ أين آثاره بحلب؟ كل ذلك ذهب مع الريح!

لا لم يذهب شئ، إن سيباي وغيره باقون مع الزمن، لأن الدروس التي نتلقاها من الموت والهزيمة أقوى وأشد وقعاً من دروس النصر والغلبة، وراحة البال والطمأنينة.

أحمد رمزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>