إذن كان فيلمان وسان مارك جيراردن صاحبي الفضل الأول في الخروج بالنقد من فوضاه القديمة، وذلك بمزج النقد بالتاريخ واعتبار الأول صورة مصغرة من الثاني. على أن فضلهما كان أشبه بمناورات طفيفة إذا قورنا بالفاتح الجديد سانت بوف.
سانت بوف وأعماله الأدبية
كان سانت بوف - مبدأ حياته طبيباً ثم انضم إلى جماعة فكتور هوجو. وفي عام ١٨٢٨ نشر كتابه ثم ارتفع اسمه كشاعر عندما نشر عام ١٨٢٩ مجموعة الشعرية الأولى ثم مجموعته الشعرية الثانية (١٨٣٠) وفي عام ١٨٣٤ نشر قصته عام ١٨٣٧ نشر مجموعته الشعرية الثالثة '
وابتداء من عام ١٨٤٠ تفرغ سانت بوف للنقد الأدبي الذي نبغ فيه بسرعة نبوغاً عجيباً فلم يكن ينافسه فيه منافس. وفي عام ١٨٤٥ انتخب عضواً في الأكاديمي. وفي عام ١٨٥٧ عين أستاذاً في مدرسة النورمال فألقى سلسلة من المحاضرات نشرت فيها بعد بعنوان (دراسات عن فرجيل) ولقد كتب سانت بوف ما يقرب من ثلاثمائة ترجمة أدبية جمعت تحت أسماء مختلفة منها (أحاديث الاثنين) و (صور أدبية) و (صور معاصرة) و (صور من النساء) وغيرها.
عبقرية سانت بوف:
إذا كان لفيلمان وسان مارك فضل النهوض بالنقد كفن له قواعد وأصول، فان لسانت بوف فضل المجدد الطليق الذي لا يلتفت لحظة إلى الوراء ولا يرعى تقاليد الماضي. فهو الرجل الذي قلب بحق فن النقد في القرن التاسع عشر فلم يبلغ أحد ما بلغة في تطبيق طريقة (النقد التاريخي) ولم يكن هناك من يفوقه فهما لمهمة الناقد الوفي.
كان سانت بوف ناقداً بالسليقة إذ كان يجمع كل الصفات التي يجب أن تتوفر في كل من يجرؤ على خوض غمار فن النقد. ذلك الفن الذي يعتبر - إذا استثنينا بلادنا! من اصعب فنون الأدب. وهذه الصفات الضرورية التي كانت من أخص سجايا سانت بوف هي:
أولاً: حب الاطلاع. فكان يجد السعادة كلها في دراسة كل أنواع الكتاب - من يحبهم ومن