من التملق لها. على أن النفوذ الأول والأخر لدول الأقطاب الثلاثة أولاً وآخراً.
وكان من مناقضات الديمقراطية أو مفارقاتها في (مجلس الأمن الدولي) السانفرسيكي أن المجلس يرفض أية شكوى من أية دولة صغيرة أو ثانوية ضد دولة كبرى رئيسية إذا كانت واحدة من الدول القطبية ترفضها - هذا بحسب دستور المجلس المذكور.
وقيل إن سبب هذا الرفض المخالف للعدل والحق والديمقراطية أن الدولة الرافضة قد تطلب النزال إلى الميدان. فتحاشيا للجنوح إلى الحرب سنّ هذا القانون الغريب العجيب. وهو موافقة الدول الكبرى للدولة الرافضة على الرفض حتما.
إذاً لا ينظر مجلس الأمن في شكوى دولة صغيرة من دولة كبرى بل ينظر فقط في شكوى صغيرة من صغيرة. والدولة الكبرى فوق القانون أو في حصانة القانون.
إذن فمجلس الأمن هذا هو مجلس تحكم الأقوياء بالضعفاء. هو محالفة ثلاثية قوية ضد جماعة من الدول الصغرى. ولا يؤمن ظلم هذا المجلس إلا إذا وقع خلاف شديد بين الأقطاب الثلاثة أو الأقطاب الخمسة. فأين الأمن الذي ينتمي له هذا المجلس القطبي العظيم؟ وكيف يطمئن العالم إلى أمن دولي يترنح بخيطٍ واهٍ في الهواء؟
إذا كان لمجلس الأمن شأن في فض مشاكل الدول فما معنى أن يجتمع الأقطاب الثلاثة الآن لكي يفضوا مشاكل الأمم الشرقية: طنجة، والدردنيل، وأردهان، والبلقان، وسوريا، ولبنان، وفلسطين الخ فضلا عن مشاكل أوربا نفسها؟ إذن ما هي وظيفة (مجلس الأمن) الذي يحسبونه أعظم نتاج لمؤتمر سان فرانسيسكو إذا لم يكن من شأنه أن ينظر في هذه المشاكل؟
نرى أن مصالح العالم كله أصبحت رهن قرارات مؤتمر الأقطاب الثلاثة، ومن يدري أن هذا المؤتمر الثلاثي لا يعقد كل حين بعد آخر لتسوية مشاكل الأمم ما دام أعضاؤه متفقين. فيكون أمره الأمر.
لسنا والله على أمل ورجاء في الأمل والسلام إذا كان الأقطاب يضطرون أن يجتمعوا لكي يدبروا أمور الأمم حسبما يروق لهم وحسبما تقتضيه مصالحهم من غير اعتبار للعدل والحق. وقد صدر قانون مجلس الأمن باستهلال نذير بأنه ليس إلا ألعوبة سخرية أو مهزلة تمثيلية لأنه في ساعة ما كانت فرنسا توقع على ميثاق الأمن والسلام كانت تغدر بسوريا