للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمودع الآن بمتحف اللوكسمبورج إنه رأس متكبر عات يقوم على رقبة رفيعة معروقة كأنها رقبة طفل. له لحية كثة كأنها لحية صانع ماهر، وجبهة مغطنة متجهمة، وحاجبان أشعثان كأنهما حاجبا شيوعي قديم، وهيأة متكبرة محمومة ترى فيها الديمقراطي الذي لا يحول. أما العينان الكبيرتان والتقعر البسيط الذي بالصدغين، فتنم كلها عن الشغف العظيم بالجمال

سألته عن هذا التمثال فأجابني بأنه عمله عندما عاد دالو من إنجلترا بعد أن شمله العفو السياسي وقال:

(إنه لم يأخذه قط، لأن علاقتنا انصرمت من بعد أن قدمته لفيكتور هوجو بقليل.

كان دالو فناناً عظيماً، ولكثير من أعماله قيمة زخرفية رائعة تجعلها من أجمل مجموعات القرن السابع عشر. ولو لم تتملكه شهوة الحصول على وظيفة حكومية لكان كل ما أنتجه قطعاً خالدة؛ ولكنه جهد ليكون لوبران جمهوريتنا، وليكون زعيما لكل فنانينا المعاصرين. لقد مات قبل أن تتحقق أمنيته؟

(إنه ليستحيل على المرء أن يمتهن مهنتين في وقت واحد. فكل الجهد الذي بذله لكسب أنصار وأعوان يركن إليهم، وفي محاولته أن يكون ذا شأن وخطر - كان كل هذا خسارة للفن. ليس أصحاب الدسائس أغراراً مغفلين؛ فعندما يريد الفنان مناهضتهم أو ينهز معهم بدلوهم فإن عليه أن يكيد لهم بقدر ما يكيدون، وبذلك لا يبقى له وقت ينصرف فيه لعمله.

(ومن يدري فلو كان دالو لزم مرسمه دواماً ومضى في سبيل فنه هادئاً وادعاً لأنتج روائع يخطف جمالها الأبصار، ولربما أجلسه الإعجاب العام على عرش الفن وتوجه ملكا على الفنانين - وذلك هو الذي بذل في سبيله كل ما في وسعه لتحقيقه، ولكن في غير طائل.

ومع كل ذلك لم يذهب طموحه سدى؛ لأن نفوذه وحظوته في الأوتيل دي فيل كانا سبباً في إخراج قطعة خالدة من أعظم قطع عصرنا الحاضر. فهو الذي مكن بوفي دي سافان من أن ينال الإذن بزخرفة جانبي السلم بمدخل الأوتيل دي فيل، وذلك رغم مناهضة أعضاء اللجنة الإدارية مناهضة علنية وأنت تعرف بأي شعر سماوي أضاء المصور العظيم حوائط البلدية).

وقد استرعت هذه الكلمات انتباهي إلى تمثال بوفي دي شافان قال عنه رودان:

<<  <  ج:
ص:  >  >>