الناس أن الحكومة قد استقطعت من حياتهم هذه المدة لغير ما سبب، وتظاهروا صائحين: أعطونا الأيام التي اتخذتموها من عمرنا، ألا يكفيكم أن تسلبوا منا نقودنا فتسلبوا منا أيامنا كذلك؟
وفي الحقيقة أن تعيين وحدة حقيقة ثابتة للزمن من الأمور العسيرة. فقد ثبت لعلماء الفلك أن المدة اللازمة لدوران الأرض حول الشمس تزداد عاماً بعد عام، أي أن السنة الزمنية ليست ثابتة إذ كانت أطول في الزمن الغابر منها في الزمن الحاضر بمقدار محسوس. فهناك اتجاه حديث لاعتبار سرعة تحلل عنصر الراديوم مبدأ لتقدير الزمن إذ ثبت أن الراديوم في تحوله إلى الرصاص يستغرق أزمنة متساوية تماماً.
غير أن هذه الوحدة الزمنية سواء اعتبرت من الجهة الفلكية لدوران الأرض حول الشمس أو من الجهة الطبيعية لسرعة تحلل الراديوم فإنها في النهاية متوقفة على إدراك الإنسان وتابعة لاحساسه، وقد تكون هي في ذاتها خدعة عقلية. وهذا مما جعل كثيراً من المفكرين يتساءلون إذا كان في أجسامنا جهاز طبيعي لتقدير الزمن؟
ومن التجارب التي تدل على احتمال وجود ساعات حيوية في أجسامنا إمكاننا الاستيقاظ مثلاً في ساعة معينة من الصباح بمجرد حصر ذهننا في ذلك قبل النوم. وهنالك كثير من الناس الذين يمكنهم الحصول على هذه النتيجة بغاية الدقة. وهنالك تجربة مشهورة أخرى أجريت مراراً عديدة بحضور الشهود وهي بان ينوم شخص تنويماً مغناطيسياً، ويؤمر أثناء نومه بان يكتب كلمة (الزمن) بعد استيقاظه بعد تمام مليون ثانية تماماً (أي بعد حوالي عشرة أيام). وفعلاً يحدث. فمهما كانت ظروف المنوم في حياته العادية بعد هذه المدة فانه في تمام الثانية المليون تماماً يأخذ قلمه ويكتب الكلمة المطلوبة. وبديهي أن المنوم لا يتذكر شيئاً بعد استيقاظه مما قيل له أثناء تنويمه.
ويميل كثير من المفكرين على ضوء هذه التجربة ومثيلاتها أن يعتقدوا بوجود هذا الجهاز الحيوي الذي يعد الزمن في أجسامنا. وقد اكتشف أخيراً تيار كهربائي منتظم يمر في الجسم في كل من لحظات الحياة سواء أكان الإنسان نائماً أم مستيقظاَ ومهما كانت حالته العصبية أو الصحية مستمراً إلى لحظة الموت. فمن الجائز أن يكون هذا التيار هو الذي يعد الثواني والزمن الذي يمر ونحن أحياء. ومن البديهي انه لا يمكن اعتبار دقات القلب مقياساً للزمن