للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول أن تجرب أن تعلم العامة فتسير الأمة وتنهض كلها دفعة واحدة. وتطبيق هذا عملياً جد صعب - والثاني أن يقتبس المتعلمون وحدهم كل ما هو أوربي - وهذا ما فعلوه - فيتركون بذلك طبقة العامة من الأمة - وهم الأكثرية - وراءهم وبذلك يفتحون ثغرة واسعة بين طبقات الأمة. وأرى أن هذا سبب ضعف كبير.

التطورات الحديثة

رأينا في بحثنا عن قابلية العرب للرقي أن الإسلام لا يقف حجر عثرة في سبيل رقيهم، وأن جو بلادهم لا يوجد أمة خاملة، بل على العكس رأينا أنهم شعب قوي حيوي شديد المراس، وأن تاريخ بلاد العرب الشمالية يرينا أنهم أهل عزم وقوة، وقد قاوموا جغرافية بلادهم الشاذة التي جعلت أقطارهم الهامة على الأطراف وأوجدت بادية الشام في الوسط فاصلة أقطارهم عن بعضها البعض - ورأينا كيف أنهم قديرون على الحكم والاستفادة من العلوم والفنون الحديثة كما وجدنا الروح القومية تساعدهم وتسيطر عليهم ولكنها لا تزال الآن محصورة في طبقة خاصة كما أن الأمة غير متجانسة.

عليّ أن أذكر تحت هذا العنوان نقطتين وهما الموارد المعدنية وتحسين طرق المواصلة الحديثة. لقد سبق أن قلت إن أمما كثيرة حاولت أن تحكم البلاد العربية الشمالية ولكن لم يكن القصد من ذلك استثمار موارد البلاد الطبيعية نفسها ولكن لأنها الممر إلى الشرق والجسر البري الوحيد لأفريقيا.

وقد بقيت أواسط الجزيرة العربية حرة في كل أدوار التاريخ إذ كان يظن أنها فقيرة لدرجة أنها لا تساوي كلفة فتحها. لقد اكتشف النفط - البترول وزيوته - في عدة مواضع من هذه الأقطار، ولكن لم تعرف مناطقه وكميته بوجه التحديد. وكذلك يظن وجود بعض المعادن الثمينة فيها، ولكن لا يمكن لأحد أن يتكهن الآن عما ستكون نتائج هذه الاكتشافات - فهي إما أن تدر الثروة - التي هي أساس القوة في العالم على البلاد وإما أن تنبه أطماع الأمم الأوربية.

بقيت هناك قضية طرق المواصلات الحديثة. لقد سبق أن تكلمت بهذه المناسبة عن صعوبة اتحاد الأقطار العربية ثقافيا أو إداريا أو عسكريا بسبب الصحارى التي تباعد بينها، وقد استغرقت رحلة قمت بها قبل ١٥ سنة على ظهور الجمال من العراق إلى شرق الأردن

<<  <  ج:
ص:  >  >>