للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لتخريج المعلمين كثيرة وجدت ثم أغلقت حسب الظروف. ومن هنا نشأت هذه التشكيلة المختلفة من المعلمين في التعليم العام التي لا نظير لها في تعدادها وتفاوتها وتنافرها وقلة انسجامها وعدم تعاونها في أي بلد آخر من بلاد الله مما كان له الأثر الملموس في جمود المدرسة وخمود روحها، وضعف أثرها في أبنائها، وانعدام روح التعاون بينهم مع ضعف الروح العلمية، وقلة الإقبال على الاستزادة من العلوم والفنون إلا ما كان خاصا بالامتحان وضعف روح الإقبال على العمل الحر المنتج إذا ما انتهوا من الدراسة وحصلوا على الإجازة التي تسلمهم إلى الوظيفة خصوصا بعد أن وضعت لها التسعيرة الجديدة المغرية.

فإذا كان معالي وزير المعارف قد ذكر في بياناته أن نجاح المشروعات الجديدة في التعليم يتوقف أساسيا على المدرس فإن هذا هو الحق لا ريب فيه. ولذا فقد ذكر معاليه إنه قد عني عناية شديدة بأمور المعلمين، ولديه مشروعات عديدة لترقية معاهد إعداد المعلمين، وتهيئة الوسائل لتكميل ثقافة الحاليين منهم، وأنه حفظه الله يعمل على إزالة الشعور بالغبن المستولي على نفوسهم. وإن في هذا كله ما يدل على الروح الطيبة المحبة للإصلاح والخير التي أملت على معاليه هذه العناية وهذا التقدير وهذا الاتجاه المستقيم. فما أقسى هذا الشعور بالغبن الذي يحز في نفوسهم. وما أشد أثره في أعمالهم ومسؤولياتهم! وما أعمق تأثيره في الرسالة الملقاة على المدرسة وواجباتها! وإذا كان معاليه قد سبق أن قسم مشاكل التعليم إلى أصيلة ومؤقتة؛ فإن مشاكل المعلمين وهي فرع هام من مشاكل التعليم فيها كذلك الأصيلة وفيها المؤقتة، فأما مشكلتهم الأولى الأصيلة في رأينا فقد سبق أن تناولناها بالبحث وهي تنحصر في تعدد طوائفهم، واختلاف ثقافاتهم، وتباين تفكيرهم، وتنوع نظراتهم إلى واجباتهم وأعمالهم وإلى الحياة العامة كلها، ولعل هذا هو السبب الأساسي فيما نلمسه من انعدام فكرة التعاون في المدرسة، ومن جمود في حركتها ومن انحطاط في روحها، ومن خمود في اتباع أساليب التربية الحديثة فيها. ومن تجاهل لرسالتها الحقيقية التي لا تتعدى النجاح في الامتحانات والعمل لها.

من أجل ذلك سرنا ذلك الاتجاه الجديد الذي أخذت الوزارة في بحثه وبدت بشائره على صفحات الجرائد من الميل إلى ضم طوائف المعلمين بعضها إلى بعض في اتحاد واحد ثم ظهر أثره فعلا في ضم ناديي دار العلوم وتوحيدهما في ناد واحد. ولعل هذه الخطوة الطيبة

<<  <  ج:
ص:  >  >>