للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى الحركة المستقيمة. ثم جاء نيوتن فرأى من خلال ذلك اخطر قانون انقلابي وصل إليه الإنسان. لقد ربط بين قوانين كبلر الفلكية وقوانين جاليلو الديناميكية فكشف عن النظام الكوني العام في قانون الجذب العام.

فانه كما يريدنا فولتير أن نعتقد، كان جالساً في حديقته بعد عناء صرفه في حل مشكلة رياضية أو صقل عدسة زجاجية عند ما رأى تفاحة تسقط من أعلى الشجرة. فسأل نفسه ذلك السؤال القديم الذي لم يكن قد أجاب عنه أحد، سال نفسه عن علة سقوط التفاحة. وهنا كان قد قدر لتفسير الحركة الكونية إلا أن تظل لغزا فاشتغل بها عقل ذلك الشاب الصغير. لقد ذهب عقله إلى ما هو ابعد من التفاحة وسقوطها. هي تسقط لان الأرض تؤثر فيها وهي بعيدة عنها في أعلى الشجرة، فماذا يحدث أن هي ارتفعت إلى ما هو ابعد من ذلك؟ لقد رآها نيوتن بعيني عقله لا تزال تميل إلى السقوط على الأرض، ولكن بقوة تصور أنها تتناقص تبعاً لقانون التربيعي العكسي. حتى إذا ما وصل بتفاحته إلى القمر تركها ليأخذ القمر، فرآه لابد وان يكون متأثرا هو الآخر بقوة الأرض، إذن لا يمكن أن تكون حركة القمر حول الأرض، وتقيده بهذه الحركة وعدم انطلاقه في خط مستقيم على حسب قانون القصور الذاتي، ألا يمكن أن يكون ذلك راجعاً إلى تأثره بنفس القوة التي تؤثر بها الأرض على التفاحة؟

كان في هذا الإلهام بدء ظهور القانون العام الذي يحكم حركة الماديات في الكون، فانطلق نيوتن يستعين بالرياضة على تحقيق ما وصل إليه فكان في الحاجة إلى معرفة نصف قطر الكرة الأرضية حتى يقارنه ببعد القمر عن مركز الأرض، وهنا شاء القدر ألا يظهر هذا القانون في سنة ١٦٦١ بل بعدها بستة عشر عاماً فخانت نيوتن ذاكرته في تذكر نصف قطر الأرض فاعتبره ٣٤٤٠ ميلاً وهو ٣٩٦٠ ميلاً، ولم يتمكن من التحقق من صدق ذاكرته لانزوائه في مزرعته وبعده عن كامبردج ومكتبتها ومراجعها فكان ما وصل إليه رياضياً لا يتفق مع المشاهدات العملية. عند ذلك شعر بالخيبة في ذلك الأمل البراق الذي كان يراه، وهو الوصول إلى قانون طبيعي عام، فذهب يبغي التسلية في تجاربه العملية الضوئية حيث قدر له أن يصل إلى اكتشاف لا يقل في خطورته عن قانون الجذب العام، ولكنه هذه المرة وان كان قد أتم اكتشافه فانه أخفاه عن العالم لمخالفته الآراء المأخوذ بها

<<  <  ج:
ص:  >  >>