للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في وقته.

كشفه عن طبيعة الضوء الأبيض:

عندما وجه جاليليو أول تلسكوب صنعه إلى السماء ألهاه ما شاهده من عجائب غير منتظرة عن آن يعنى بكون الصورة ممسوخة أو أن ضوءها مشوه، وهو ما نلاحظه في المناظير غير الدقيقة الصنع من تعدد الألوان. ولكنه حاول بعد قليل أن يعرف سبب هذا التشوه وطريقة تلافيه، وكان المظنون أن السبب في ذلك راجع كله إلى ظاهرة (الزيغ الكري)، وهي أن الأشعة الآتية من الجسم البعيد عند مرورها في عدسة التلسكوب تنكمش ولكن لا تتجمع كلها في البؤرة. وقد دفع نيوتن حبه للسماء إلى محاولة معرفة سبب هذا التشوه اللوني للصور فقاده ذلك إلى معرفة أن ضوء الشمس الأبيض يتركب في الواقع من عدة ألوان تبتدئ بالأحمر وتنتهي بالبنفسجي وهي ما تسمى بألوان الطيف، وذلك بان أمر الضوء الأبيض في منشور ثلاثي من الزجاج. وبذلك إن عيب التلسكوب ذي العدسة راجع إلى تفرق الضوء الأبيض الذي يمر في العدسة فيسبب ما يسمى (بالزيغ اللوني). لذلك حاول أن يصنع تلسكوباً آخر لا يستخدم فيه عدسة لامة للاشعة، بل يستخدم مرآة مقعرة تلم الأشعة أيضاً، وقد نجح في ذلك، ولا يزال أحد تلسكوباته محفوظاً في الجمعية الملكية بلندن. وتستخدم الآن المرآة المقعرة بدلاً من العدسات في صنع اكبر تلسكوبات العالم. فتلسكوب مرصد (مونت ويلسون) له مرآة يبلغ قطرها ١٠٠ بوصة ويصنع الآن تلسكوب آخر قطر مرآته ٢٠٠ بوصة.

انقضت سنتا العزلة الإجبارية وبلغ نيوتن الخامسة والعشرين وحان له أن يعود ممتلئ الرأس بكل الآراء الخطيرة التي وصل إليها إلى كامبردج حيث الكتب المحبوبة والأجهزة المطلوبة لإجراء التجارب، وسنتركه الآن لنتم تاريخ حياته في مقال قادم

مصطفى محمود حافظ

<<  <  ج:
ص:  >  >>