الجرائد طلعت على الناس (في عام ١٩٣٩) بأن مصالح الحكومة ودواوينها سوف تعطل يوم الثلاثاء ١٢ ربيع الأول الموافق ٢ مايو بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي؛ وفي اليوم المذكور توجهت جماعات كبيرة من نزلاء مصر من الأجانب للاشتراك في الاحتفال ولمشاهدة (الزفة) ولكنهم لم يجدوا شيئا، لأن (الزفة) كانت قد تمت في مساء اليوم السابق (الاثنين ١١ ربيع)؛ وأخيرا عرفوا أن المسلمين يعتبرون الليل - وليس النهار - هو بداية اليوم الجديد؛ فمساء يوم ١١ ربيع يعني يوم ١٢ ربيع!
وتواريخ الموالد ذاتها تواريخ فضفاضة متذبذبة وعرضة للمد والجزر بشكل غريب بحيث يكاد يستحيل على الإنسان أن يضع تاريخيا صحيحا ثابتا لأحد الموالد؛ بل إن شيخ الجامع نفسه لا يستطيع أن يحدد التاريخ بالضبط. وهو أن ذلك يرجع - كما يظن ماكفرسون - إلى عدم التثبت من يوم ميلاد الولي مما يدعو الناس إلى اختيار أي يوم كان. بل إن ذلك اليوم الذي يختارونه اعتباطا يخضع هو أيضاً للتغيير إذا طرأ طارئ مثل موت أحد كبار المحسنين أو عدم جمع المال الكافي لإقامة الحفلات والزينات وغير ذلك من الأسباب التافهة. ويذكر ماكفرسون إنه في عام ١٩٣٨ منعت الحكومة الاحتفال بمولد الشيخ مظلوم لأن يوم الاحتفال كان يوافق ذكرى المغفور له الملك فؤاد. ويقص الناس حكاية عن أن الشيخ مظلوم استاء من فعل الحكومة أبلغ الاستياء فتراءى في المنام لبعض ولاة الأمور وهددهم بالويل والمصائب إن لم يحتفلوا بمولده كما جرت العادة؛ وقد كان للشيخ ما أراد!
إلا أن بعض الموالد تتبع الآن التقويم الشمسي أو التقويم القبطي دون التقويم القمري؛ ومن هذه الموالد مولد السيد البدوي نفسه إذ يقام في شهر بابه دائما (أكتوبر) ومولد سيدي إبراهيم الدسوقي، وسيدي البيومي، وسيدي الامبابي وغيرهم؛ ومع ذلك فأن هذه التواريخ ذاتها تتعرض للتغير كل بضع سنوات، ذلك لأنه لما كان التقويم القمري يفترق عن التقويم الشمسي بأحد عشر يوما في كل عام، فإنه يحدث أن يأتي عام يصادف وقوع الاحتفال فيه بالمولد وجود شهر رمضان؛ وفي شهر رمضان لا يحتفل المسلمون بأي مولد من الموالد، وبذلك لا يكون ثمة مندوحة عن تغيير تاريخ المولد! - أما موالد المسيحيين في مصر فلعلها أكثر ثباتا من موالد المسلمين لأنها تنبع دائما التقويم القبطي؛ فمولد مارجرجس يحتفل به دائما في برمودة (أبريل) عند الكاثوليك، وفي بشنس (مايو) عند الأرثوذكس؛