هي قصة تجمع بين الجد والفكاهة في أسلوب رشيق، وعبارة أنيقة، وهي أيضاً تحليل لشخص غريب الأطوار، هو مادة الفكاهة في القصة، وهو في الواقع مورد للفكاهة لا ينضب
ولا تخلو القصة بعد هذا من ناحية الجد، إذ نجد إنها تتناول شخصية شاعر حساس، يصارع موجة من الحب العنيف العفيف ونشهد نحن هذا الصراع، متنقلين مع الشاعر في جولاته وخطراته إلى أن ينتهي هذا الصراع. . . ينتهي فلا يموت الشاعر، ولا تموت الحبيبة، ولأتفصم عراهما، بل ينتهي بكل ما تريده النفس الطيبة. . نعم، لم يركن الكاتب إلى الدرامة العنيفة، أو النهاية المؤلمة التي يقصد إليها الآخرون لوجه الإيلام فحسب، وإنما نجده يركن إلى الصفاء والسرور والمرح. . . وما أحوجنا في هذه الأيام إلى الصفاء والسرور والمرح! وحبذا لو جرى الجميع على هذا النهج. . . حبذا لو عرفوا أن السرور يهز الشاعر كما تهزها الفجيعة تماما. . . مع الفرق الشاسع بعد هذا بين السرور والفجيعة
وكاتب هذه القصة فنان مطبوع، يتحامل على نفسه، فيرى الحسن في كتابه سيئاً، ولا يرضى عنه إلا بعد أن يصير إلى أحسن
ولكن لي على الكاتب نقداً أرجو أن يتقبله هادئاً كما عهدته؛ ذلك إنه يختم الحلقة الثالثة من عمره، وروايته هذه هي أول مؤلفاته، ومعنى هذا إنه قضى هذه الحلقات الثلاث في إحدى اثنتين: إما إنه كان يحشد نفسه لهذه الرواية، وإما إنه كان يهمل الكتابة طول هذه المدة، وفي كلتا الحالتين يكون قد أساء إلى الأدب كثيراً، وفي كلتا الحالتين يكون أنانياً لا يحب إلا نفسه، فهو يقرأ ويقرأ ولا يكتب، فيسر هو وحده، دون أن يتيح للقراء أن يسروا بما ينفحهم به من ثمرات قلمه، التي عرفنا قيمتها في (خادمك المليونير)
لعل الأستاذ عثمان يصلح ما قد جنته أنانيته فيطالعنا دائماً بمثل هذه الرواية الممتعة