للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معظم أقوال الخطيب. . . وعلا وجوههم الوجوم، وبهتوا وأخذ يتلفت بعضهم إلى البعض، بينما راح فريق منهم يهز أكتافه في ملل وضجر.

واستمر الخطيب في خطبته - وقد اتخذ في رفقته هيئة الحزين. فقال: (بروكوفي اسبتسن. . . لقد كان وجهك وضاحا مع إنه قبيح. . . كنت عبوسا مقطب الجبين، ولكن كلنا يدرك أن تحت هذا المظهر الخارجي قلبا يغلب عليه الشرف والشفقة والحنان. . .). وفجأة لحظ المستمعون أن الخطيب نفسه بدأ يعتريه شيء من الاستغراب كان يتفرس في جهة معينة من الجمع الغفير. ولم يلبث أن كف عن الحديث وفغر فاه في دهشة. . . ثم مال على صديقه بيلافسكي وقال وهو يحملق في فزع (هه. لقد رأيته. . . إنه ما زال على قيد الحياة؟!).

- (من هو الذي لا زال على قيد الحياة؟!).

- (بروكوفي اسبتسن!! ها هو قائم عند حجارة القبر!!)

- (إنه لا زال على قيد الحياة. . . إنما الذي مات كيريل ايفانفتسن أما بروكوفي اسبتسن فقد كان كاتب الجامعة منذ حين وقد نقل إلى المنطقة الثانية رئيسا للمكتبة. . .).

- (يا للشيطان الذي أوحى ألي بذلك!).

- (لِمَ وقفت عن الحديث. . . انطلق عجبا!! إنك مضطرب). والتفت زبوكين إلى القبر، وفي فصاحته المعهودة تابع حديثه. أما بروكوفي اسبتسن كبير الكتبة الكهل ذو الوجه الحليق فقد كان قائما حقا قرب حجارة القبر. . . كان ينظر إلى الخطيب شزراً. . . وقد انتابته موجة من الغضب.

أخذ رفقاء زبوكين يتغامزون عليه في عودتهم (هه. . . هه. . . يا لك من غر! عجبا! أتود أن تدفن رجلا وهو يفيض بالحياة؟) ودنا منه بروكوفي اسبتسن وراح يقول في تذمر: هذا لا يليق أيها الشاب، إن حديثك هذا له قيمته إن كان في رجل قد ودع الحياة، أما إذا كان يمت إلى رجل حي فهو كلام فارغ وتهكم واستهزاء. . . كم تحدثت طويلا عن روحي وعن نفسي! أيها الأبله! ماذا كنت تقول؟! مثلا عالياً للقلب الطيب والضمير المنزه عن الرشوة. . إنها كلمات تقال للأحياء على سبيل التهكم، ومع ذلك من الذي دعاك إلى التحدث بإطناب عن وجهي؟! قبيح عبوس، ولنفرض إنه كذلك، ما الذي عاد عليك أيها الأبله من

<<  <  ج:
ص:  >  >>