والسفن الكبيرة. فإن الديمقراطيين دخلوا ميدان الاستعداد متأخرين فبلغوا بالطائرات على اختلافها أقصى حدود الإتقان في وقتنا هذا، وأصبحت قاذفاتهم ومقاتلاتهم وحارساتهم وناقلاتهم راجحة في مجال العمل على أمثالها عند المحوريين كل الرجحان.
وما من شيء سمعناه عن أخبار الأمم التي لا تدين بالديمقراطية يدل على كساد العقول في ظل الاستبداد كما تدل عليه تلك الأخبار التي ينشرونها عن ملايين الكتب والتصانيف التي تطبع بالملايين وتوزع كما يقولون بين الملايين. فإن تلك البلاد كانت تنجب النوابغ النابهين في العلوم والآداب ولم يكن يطبع فيها عشر معشار هذا المقدار. فإذا توافر الغذاء وساءت (الصحة العقلية) فالجو إذن هو المسؤول عن هذا الهزال، وعليه اللوم وحده وليس اللوم على القرائح والعقول.
على أن القنبلة الذرية ستخدم الحرية الديمقراطية من طريق غير هذه الطرق التي قدمناها. لأنها ستحطم مذهب (كارل ماركس) كما تحطم الحصون والمعاقل التي تنقض عليها، وهو أخطر المذاهب التي تناضل الديمقراطية في عهدها الأخير.
ولسنا نعني بذلك أن الديمقراطيين يحاربون الماركسيين، وإنما نعني به أن ظهور هذا العامل الجديد في أطوار الصناعة يقطع السلسلة التي صاغ كارل ماركس حلقاتها وجعل الحلقة الأخيرة منها اجتماع الثروة كلها في أيدي ملوك الصناعة واصطلاح الفاقة كلها على العمال.
قال: ومتى صار العمال إلى هذا المأزق الضنك فلا مناص لهم من الموت جوعا أو الثورة الدموية على ملوك الفحم والحديد وأشباه الفحم والحديد.
فأقل ما تصنعه القنبلة الذرية أنها تقطع هذه السلسلة قبل حلقاتها الأخيرة، لأنه توهن قبضة المحتكرين على عناصر الصناعة الكبرى وتخلق لهذه الصناعة عنصراً غير الفحم والحديد وغير العناصر التي يقوى على احتكارها أولئك المستغلون.
فما أضخمها من قنبلة تلك القنبلة التي نجمت من أصغر الأشياء في هذه الدنيا.
أنها قنبلة ناسفة عاصفة ولكنها في عالم الأفكار والآراء أفعل ما تكون؛ لأنها إذا فعلت فعلها في آراء الناس وأخلاقهم لم يقف لها عائق ولم يكن تعويقها من المفيد، ولكنها إذا أرادت أن تفعل فعلها في عالم الأجساد وقف الناس لها أجمعون أو وجب عليهم أن يقفوا لها هناك. .