الدولة الصفوية، تلك الدولة التي نشأت على أسس صوفية وعلى دعوة منظمة سياسية تسترت باسم التصوف والدروشة وذكر الله العظيم. ولكنها كانت تبث الدعوة وتوجه الأنظار سراً إلى عمل سياسي منظم قام به أنجال صفي الدين الأردبيلي الصوفي والزاهد المشهور واحد السلاطين الصفويين.
ومما ساعد تفوق رجال الدين على طبقات المتصوفة الفوضى الأخلاقية التي انتشرت في نوادي المتصوفة وأوكارها من (تكايا) و (خانقاه) وفي صفوف (القلندرية) و (الدراويش) إذ تحول (الذكر) الديني إلى رقص إيقاعي خليع، وتحول (الغزل الإلهي) إلى غزل شهواني مبتذل حتى اضطر المتصوفة أنفسهم إلى مكافحة هذه الطرق فيها كما فعل الملا صدرا نفسه وهو في عداد المتصوفة في رسالته (كسر أصنام الجاهلية).
وصبغ متصوفة إيران ممن سبقوا الملا صدرا أو ممن جاءوا من بعده ابن العربي وإخوانه المتصوفة بصبغة شيعية فجعلوه من كبار المجاهدين في خدمة التشيع وآل البيت وأحاطوه مع أمثاله كما أحاطه متصوفة السنة بهالة من التبجيل والتقديس. وكان الأحرى بهؤلاء أن يعدوه مع إخوانه في قائمة خاصة لا هي سنية ولا هي شيعية؛ قائمة يسجل فيها مع أهل الباطن وأهل الآراء الخاصة
على أن أهل الفقه من رجال الدين ممن اشتركوا في محاربة التصوف ورجاله لم يرضوا عن ابن العربي ولا عن زملاء ابن العربي ولم يخفوا حنقهم عليه. وقد حار المترجمون فيما بعد واضطروا إلى نقل الرأيين المدح والذم على الجمع بين الضدين في مكان واحد.