للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعده، فوضعوا كتباً في الحديث ولكنهم مزجوا أقوال الرسول بفتاوى الصحابة والتابعين كما تجد ذلك في موطأ مالك.

وبعد انقضاء مئتي سنة من الهجرة جرد العلماء ما كان ينسب في هذا العهد إلى النبي من أحاديث ودونوه في مسانيد بغير أن يخلطوا به شيئاً من فتاوى الصحابة والتابعين مثل مسند الإمام أحمد وغيره.

وفي منتصف القرن الثالث وأول القرن الرابع وما بعد ذلك ظهر التدوين في صورته الأخيرة، فاختار البخاري وغيره من الأحاديث التي كانت منتشرة في زمنهم وخرجوا منها كتبهم.

علماء الأمة أزاء الحديث

ولأن الحديث لم يبدأ تدوينه إلا في القرن الثاني وكتبه المعتمدة بلا خلاف بين المسلمين وهي: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي لم تظهر إلا في القرنين الثالث والرابع، وكانت روايته قد جاءت بالمعنى من طريق الآحاد التي لا تعطي إلا الظن - والظن لا يغني من الحق شيئاً، فإن علماء الأمة لم يتلقوه بمحض التسليم والإذعان كما تلقوا ما جاءهم من محكم القرآن ولا اعتبره من الأخبار المتواترة التي يجب الأخذ بها ولا يجوز لأحد أن يختلف في اتباعها وإنما اختلفوا طرائق قدماً فيه اختلافاً بينا لم يستطع أحد إلى اليوم تلافيه

المتكلمون وعملاء الأصول

أما المتكلمون وعلماء الأصول فانه لما كان (الخبر) عندهم ينقسم إلى - متواتر وآحاد؛ والمتواتر إنما يعطي العلم القيني، والآحاد لا يعطي إلا الظن، ولم يجدوا في كتب التاريخ خبراً متواتراً تكون دلالته يقينية بل أنه قد جاء من طريق الآحاد التي دلالته ظنية - والظن لا يغني من الحق شيئاً - فقد ردوا كل حديث لا يتفق مع ما يذهبون إليه من الأصول التي اتخذوها لهم. ومن القواعد التي اتفق عليها جميع النظار أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقائد.

الفقهاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>