رضي الله عنه، فآلت ولاية مصر إلى قائدنا عبد الله بن أبي سرح، وعبد الله هو من ذوي قرابة ابن عفان، بل ويعد أخاً له في الرضاعة
وفي عام ٣١ الهجري الموافق ٦٥٢ للميلاد أعاد ابن أبي سرح الكرة وهو والي مصر، فسار في طليعة جيشه معتزماً فتح السودان مهما كلفه الأمر. وكان السودانيون حينذاك قد نقضوا عهد الهدنة، ورفضوا دفع الجزية وصاروا يشنون الغارة على سكان الحدود المصرية من العرب وأبناء الصعيد، ويوسعهم نهباً وتقتيلا منتهزين فرصة انشغال رجال الحكومة العربية في المسائل الداخلية التي تلت مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأقصت ابن العاص عن مصر، وغير ذلك من المشاكل الخاصة
هذا، وبعد حروب طاحنة بين جنود ابن أبي سرح وجنود قلدرون ملك دنقلة، تمكن الفاتح العربي من احتلال دنقلة - وكانت عاصمة السودان يومذاك - بعد أن حاصرها ورماها بالمنجنيق، ولم يكن استعماله معروفاً عند الجيش السوداني
وقد قال أحد الشعراء العرب الذين اشتركوا في معركة دنقلة الفاصلة راجزاً:
لم تر عيني مثل يوم دنقله ... والخيل تعدو بالدروع مثقله!
أما المعاهدة العربية السودانية التي حررت دليلا على المهادنة والصلح بين الفريقين فأليك نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
عهد من الأمير عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعظيم النوبة (السودان) ولجميع أهل مملكته من حد أرض أسوان إلى حد أرض (علوة): وهي على بعد ١٥ ميلا من الخرطوم
إن عبد الله بن سعد جعل لهم أماناً وصدقة جارية بينهم وبين المسلمين ممن جاوروهم من أهل صعيد مصر وغيرهم من أهل الذمة
إنكم معاشر النوبة (السودان) آمنون بأمان الله وأمان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إلا نحاربكم ولا ننصب لكم حرباً ولا نغزوكم ما أقمتم على الشرائط التي بيننا وبينكم
على أن دخول بلدنا مجتازين غير مقيمين فيه، وندخل بلدكم مجتازين غير مقيمين فيه، وعليكم حفظ من نزل بلدكم أو يطرفه من مسلم أو معاهد حتى يخرج عنكم، وإن عليكم رد كل ابق خرج إليكم من عبيد المسلمين حتى ترده إلى أرض الإسلام، ولا تستولوا عليه ولا