للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روائع من قصص الغرب

ترجمة الأستاذ كامل كيلاني

اذكر أنني منذ سنوات خمس، كنت أتحدث مع صديق حول رسالة الغفران التي هذبها الأستاذ كامل كيلاني، فقد كنت أقرا الرسالة مع الصديق قراءة الدرس والتحليل، فلما أن فرغنا من تلاوتها، قلت لصاحبي: والله إن الأستاذ كيلاني ليستحق منا الشكر لما صادفنا في هذه الرسالة من لذة وجمال. قال بل إن أبا العلاء لأجدر منه بذلك الثناء، أما الأستاذ كيلاني فماذا قدم إلينا إلا أن تناول رسالة أبي العلاء، فحذف منها شيئاً واثبت شيئا؛ قلت أن رسالة أبي العلاء لبثت مطمورة بين أكداس الكتب لا يجرؤ عليها إلا صفوة الخاصة وهم قليلون. أما وقد هذبها الأستاذ كيلاني، وشذب أطرافها النابية، وأزال ما يعترض سبيلها من عثرات، فقد باتت معبدة ميسرة للكثرة الغالبة من القراء، تتداولها أيدي الطبقة الوسطى من المتأدبين، بعد أن كانت أرستقراطية مقصورة على طبقة الأشراف! وإذن فمن الأسرف في الغبن وإنكار الجميل إلا نعترف بذلك المجهود - وأشباهه - الذي يهيئ للقراء ما لم يكن لهم إليه من سبيل.

وإذا كانت التجارة في عالم الاقتصاد دعامة قوية يرتكز عليها البناء الاقتصادي بأسره، وهي ليست إنتاجاً في ذاتها، إنما هي وساطة بين المنتج والمستهلك، ففيهم الكفر بقيمة الوساطة الأدبية بين الكاتب والقارئ؟ ولولاها لما اتصل القراء بأكثر ما تسيل به الأقلام في أنحاء الأرض إلا في دائرة ضيقة وحيز محدود. وان صح هذا القول بصفة عامة، فهو اشد صدقاً واثبت يقيناً بالنسبة إلى مصر، لأنها اليوم في عصر ترجمة اكثر منه عصر تاليف، فالمترجم الذي يقدم إلى قراء العربية صوراً من أدب الغرب، إنما يسدي إليهم يداً بيضاء، لأنه يقدم إليهم غذاء صالحاً ما كانوا ليوفقوا إليه لولا ما بذل من مجهود.

نقول ذلك بمناسبة مجموعة القصص التي عربها الأستاذ كامل كيلاني. فهي من روائع الأدب الغربي حقاً، قد وفق في اختيارها وتعريبها إلى حد بعيد. وحسبك أن تعلم أنها طائفة من قصص بوكاتشو، وفولتير، وديدرو، وسرفنتس، وفلوبير، وسويفت، وروسو وغير هؤلاء من أئمة الأدب في الغرب!

<<  <  ج:
ص:  >  >>