للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان المؤتمر كسوق قامت ثم انفضت، فقط لم يربح أحد فيها، وخسر فيها العالم كل شيء، إذ خرج وهو مريض وقد اشتد مرضه، وتسابقت الدول إلى التسليح، لأن مؤتمر لندرة لم يحل مشكلة المواد الأولية، فبقيت المواد الأولية وأصحاب المواد الأولية، أي سكان البلاد الأصليين، على الحالة التي وجدهم المؤتمر عليها، أي ينتظرون تنفيذ أحكام الأقدار فيهم!

أما الأقدار، فكانت في شغل عنهم، لأن الأقدار تحالف القوانين الطبيعية الملازمة لطبيعة الأشياء. نعم كانت في شغل عن تقارير المندوبين والخبراء، كان عملها بسيطا يتلخص في نتيجة منطقية: أن الفريق الغالب في عالم الاقتصاد هو الذي يملك من القوى الإنشائية والدعامات الاقتصادية أكثر من غيره، وهو الذي يزحزح الضعيف من طريقه وينتهي بأن يجذبه إليه، فإما أن يندمج فيه أو يزداد ضعفا على ضعف

وكان أن خطوات التكتل التي بدأت بعد الحرب قد أخذت تسير بسرعة عقب مؤتمر لندرة، فهولندة، والبرتغال أخذت كل منهما تتجه نحو المجموعة التي تلائمها، وجمهوريات أمريكا الجنوبية أخذت تلتئم في النظام الاقتصادي للولايات المتحدة. وفي وسط هذا التنازع السلمي أخذت تظهر على العالم قوات متكتلة تختلف قوة وضعفا وهي:

١ - بريطانيا العظمى وإمبراطوريتها وأصدقاؤها وحلفاؤها

٢ - الولايات المتحدة وممتلكاتها وأصدقاؤها وحلفاؤها

٣ - روسيا في أوروبا وآسيا

٤ - فرنسا وإمبراطوريتها تحاول أن تستكفي

٥ - اليابان والشرق الأقصى

٦ - إيطاليا وإمبراطوريتها في المهد

أما بقية العالم، فاستمر حائرا ينظر إلى المستقبل بأساليب القرن الماضي. ألمانيا تحلم بمستعمراتها، وأسبانيا تؤمل في أيام الإرمادا، وإيطاليا تتحدث عن الإمبراطورية الرومانية، والتشك واليوجوسلاف يحاربون مشروع عودة النمسا والمجر، وكل بما لديهم فرحون، حتى دهمتهم الحرب العالمية الثانية، وسنرى ما كان من أمرها أن شاء الله.

(يتبع)

أحمد رمزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>