الخصوص (مقام جدل كبير يتسع للرد وقرع الحجة بالحجة وتشقيق الدليل وراء الدليل، وليس مقام تسليم بوجدان عن طريق (تعريض الحس والقلب للأصداء والأضواء) والخطابيات والشعريات والنغمات؟
أظن أن هذا التحدي بطلب البرهان يكفي لإثبات أن الفكر هنا هو الأداة الأصيلة، وإن الحركة الذهنية حاضرة لاستعراض القضية وأداتها.
وقد اغفل الأستاذ سيد استشهادي بهذا المقطع من الآية حينما سرد كلامي تمهيدا للتعقيب عليه، وما كان له أن يغفله عامدا وهو يعلم ما فيه!
يقول الأستاذ:(إن القرآن كان أعرف بالنفس البشرية من الأستاذ عبد المنعم فلم يسق الأدلة كما ساقها هو. . .)
أما أن القرآن أعرف مني بكل شيء فذلك ما لا جدال فيه. وما زعمت لنفسي غير هذا وما غيرت سياق القرآن، وإنما شرحت ما فهمته من أدلته شأني شأن أي مفسر آخر. بل شأني شأن الأستاذ سيد نفسه حين أباح لنفسه أن يفهم في هذا الآية كما شاء. ولما اعترضت على فهمه لم أسلك هذا السبيل الذي سلكه هو في بيان خطي. وإنما بينت رأيي وتركته له وللقراء، ولعلي مخطئ، وما زعمت لنفسي أني بهذا التفسير احدد معاني القرآن واحمله على ما أريد. فأنى اعلم من إعجاز القرآن أنه يرضي العقول والعصور جميعاً لأنه حجة الله عليها جميعاً. . .
ولنأخذ في سرد اعتراضات الأستاذ والرد عليها:
(١) يقول الأستاذ في الاعتراض على قولي: (فالإله (الواحد) هو وحده الذي يخلق ويحي وينشر الخلائق من الأرض): (أفلا يعلم أن قضية البعث كانت من القضايا الكبرى التي تولى القرآن ثباتها لهؤلاء القوم، فكيف يجعل منها دليلا على وحدانية الله - ولو كان منطق الذهن الجدلي هو المحكم - بينما هي نفسها موضع جدل طويل، وليست لإحداهما سابقة على الأخرى، بل هما مظهران لقضية واحدة تثبت بطرفيها أو تتهافت بطرفيها).
وفي هذا القول ثلاثة مواضع للرد:
١ - أنه زاد كلمة (الواحد) من عنده فقد قلت: (فالإله هو وحده هو الذي يخلق ويحي وينشر الخلائق) ولم أقل فالإله الواحد. وفرق واضح بين المعاني مع هذه الكلمة ويدونها: