قبل أن ينزل عليه الوحي - أي قبيل الإسلام - وكأنه بذلك يريد أن يجعل بروز التصوف والروحانية الإسلامية نابتة في قلب الجزيرة العربية وفي صميم كفوفها وأغوارها. ولست أرى باسا أن تختلف مصادر الحياة الروحية في الإسلام ما دامت الأديان كلها تهدف إلى غرض واحد هو صفاء الروح.
وفي الكتاب فصول عن النساك والزهاد والعباد والتصوف ونشأته والنزاع بين الصوفية والفقهاء، والغزالي وطريق المعرفة عنده، وما إلى ذلك من الأبحاث التي تدل على أن المؤلف دارس الموضوع الروحية الإسلامية دراسة سعة وشمول.
وأسلوب الكتاب واضح ينساب في سهولة ويسر، وبذلك حقق
غرض الجمعية الفلسفية المصرية من تبسيط هذه الموضوعات
لجمهور القارئين، إلا أن فيه تكراراً في بعض المواطن
وخاصة في الفصل الثاني من الكتاب. وعندي أن التكرار لا
يملح من كل كاتب، فخير للمؤلف الفاضل لو أنه استقل
بأسلوب يكون هو صاحبه ولا يكون فيه من المقلدين. ٢ -
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
(للدكتور أبو العلاء عفيفي)
وهذا كتاب آخر من كتب الجمعية الفلسفية المصرية التي يشرف على إصدارها الأستاذان الجليلان الدكتور علي عبد الواحد وافي والدكتور عثمان أمين؛ وهما من أكثر رجالنا نشاطا في التأليف وأشدهم انكبابا على العلم. والكتاب لأستاذنا الدكتور أبو العلاء عفيفي أستاذ الفلسفة بجامعة فاروق الأول. وهو من سبيل الكتاب الأول ومن بابه. فلحياة الروح فيه مجال كبير. وقد وفق المؤلف فيه إلى حد كبير فقد أزاح الستار عن طريق (الملامتية وأهل الفتوة) ورجع في ذلك إلى طائفة من كتب التصوف بعضها بالعربية وبعضها باللغات الأجنبية.