والكتاب قسمان: قسم عن مذهب الملاميتة ونشأته في الإسلام والصلة بين تعاليم الملامتية وتعاليم الصوفية وأهل الفتوة. والقسم الثاني نص رسالة الملامتية التي ألفها أبو عبد الرحمن السلمي من العارفين بأسرارهم.
وفي القسم الأول تحقيق كثير لا يصدر إلا من رجل كالدكتور أبي العلاء عفيفي له في البحث العلمي مقام محمود. والحق أنه وفى الكلام عنه هذا المذهب التصوفي توفية منعه تواضعه من أن يعلى من قيمتها. فقد أشار في المقدمة إلى أن الصورة العامة التي صور بها هذا المذهب (قد يعوزها الكثير من التفاصيل)
وخير فصول الكتاب هو الفصل الخاص بالتحليل النقدي لأصول الملامتية. فقد تكلم عن فلسفتهم في النفس ومحاربتهم للرياء، واتهام النفس ولومها، والرياء في الأعمال والأحوال والعلم. وهو كلام يدل على فهم صحيح للمذهب وطول تتبع له ووصول إلى أعماقه.
وإذا كان المستشرق الأستاذ ريشارد فون هارتمان قد سبق الدكتور عفيفي إلى البحث في رسالة السلمي نفسها فإن أستاذنا المصري قد تناول في رسالته القيمة المذهب الملامتي نفسه والفرق بينه وبين تعاليم الصوفية، وتاريخ هذه الفرقة ونشأتها.
وهي أبحاث تدل على سعة في العلم وعلى صبر في البحث وعلى قراءة كثيرة لكتب التصوف والمذاهب التي خرج منها المؤلف بهذا المحصول العظيم.
- ٣ - نظريات في الحياة والمجتمع
(للأستاذ علي أدهم)
مؤلف هذا الكتاب أديب يمتاز بمزايا كثيرة لابد منها لمن يريد أن يكون في عالم الأدب أصيلا لا متبعاً. فهو يقرأ كثيراً في الأدب العربي والغربي؛ وهو يهضم قراءاته ويحسن هضمهما لأن معدته الأدبية صحيحة موفورة العافية؛ وهو قادر على معالجة الأدب المقارن بحسن أدراك وصحة فهم وقوة أسلوب.
أما إدراكه فيظهر من رؤوس الموضوعات التي يتناولها والتي يحسن الكلام فيها فينتقل بك من فكر إلى فكر، ومن موضوع إلى موضوع حتى يأتي على البحث إلى آخره، ولا يدع في نفسك شهوة لاستزادة وأما أسلوبه ففيه من القوة ما يؤدي به الأغراض احسن أداء، فلا