وفسر بذلك أن (يكون فلان من الشيوعيين وهو سليل بيت قديم وصاحب مال موفور فإنه يحسد أمثاله وينقم على الدنيا لأنه لا يحسب فيهم حين يحسب ذوو الكلمة أو ذوو الرأي أو ذوو المنصب والجاه) - وهذه نظرة صائبة دقيقة ولكنها لا تفسر لنا شيوعية بعض الناجحين الذين طالوا من المجد والمال وبعد الصوت والنفوذ وما يحسدهم عليه أناس أجدر منهم، ثم لا يكون الحاسد شيوعيا، ويكون المحسودون شيوعيين. وأغلب الظن أن هؤلاء يتاجرون ليصبحوا أدنى إلى أفئدة الجماهير ومهوى قلوب وأصوات الجماعات فهي نزعة ديماجوجية يراد بها مزيد من الشهرة وفضل جديد من السلطان.
د - وقد سبق إيراد المثل الخاص بسنابل القمح واللؤلؤ ولكن نفاسة اللؤلؤ ليست نفاسة ذاتية وإنما هي نفاسة نسبية وعرضية مردها الندرة؛ فلو أصبح اللؤلؤ في كثرة السنابل فما أظنه يحتفظ بنفاسته الحالية، ولو أصبحت السنابل في ندرة اللؤلؤ لجاز أن تظفر بمثل نفاسته.
هـ - ونعى على القصص والروايات قلة محصولها مع كثرة أداتها، ومثل ببعض الصور الرائعة التي تضمنها بيت واحد من الشعر (وأن خمسين صفحة من القصة لا تعطينا مثل محصوله).
وليس لي ما ألاحظه في هذا الشأن إلا إنه غير منطبق على نوع خاص من الأقاصيص يضخم مغزاه ويكثر محصوله في حين أن أداته قصيرة قليلة كخرافات (إيزوب) و (لافونتين).
ووهذا الانتقاد الختامي لا أعرف إلى من أتوجه به، فإن الأخطاء المطبعية كثيرة وقد أصبحت كالبقعة وسط هذا الكتاب القيم النفيس ووسط هذا الورق الأنيق؛ لقد أحصيت بين صفحتي ٩٠ و١٣٢ نحوا من اثنتي عشرة غلطة، وليس هذا نقصا كبيرا ولكنه نقص في حق القادرين على التمام.