عرف توان بأخلاقه الطيبة، وخلاله الفضلى. . . ولو إنه كان حذرا زهما، حتى إنه كان أكثر الريفيين شحما، هذا إن لم يكن قد فاق أهل لورمنديا قاطبة.
وكان كوخه - على النقيض من ذلك - صغيرا ضيقا. . . فمن بره وهو قائم على باب داره حيث يقضي طيلة يومه. . . يتوله العجب عندما يفكر كيف يتخطى ذلك الباب الضيق المنخفض إلى صحن الدار. . . يقف توان على قارعة الطريق يدعو كل من يتوسم فيه الأناقة والثراء إلى حالته حيث يقدم إليه بعض الخمر على سبيل التجربة والقياس. وقد علق على واجهة حانوته لوحة سطر عليها (حانة الصداقة). وكان هشاً بشاً لكل من جاوره وأمه. . .
وقد يفد عليه خلق كثير من إقليمي (فيكامب) و (مونت فليبر) وغايتهم أن يروا توان، ويتندروا بفكاهاته المستملحة ومزاحه العذب الذي يضحك الحجر الصلد. . . لقد أوتي القدرة على أن يشيع المرح حوله دون أن يضجر من يجالسه؛ والقدرة على أن يخبط ساقه في حركة تنتزع الضحك من فيك - شئت أو لم تشأ -، والقدرة على أن يجعل حاجبيه يعبران بما لا يستطيعه لسانه. . . إن منظره وهو ينهل الراح ليبعث وحده الضحك والسرور إلى العيون الساهمة الحزينة. . .
وقد يجرع توان كل ما يقدم إليه من أنواع الشراب كلها، فيلمع في عينيه بريق الخبث. . . وتتألق مقلتاه بالابتهاج الذي يجعلك تقدم إليه المزيد من الشراب. وطالما كان يسأله مواطنوه:(لم لا تلعق من ماء البحر ما يشبع شراهتك هذه؟) فلا يسعه إلا أن يجيب في هناف: (ثمت سببان. فأولا: ماء البحر أجاج تعافه النفس؛ وثانيا: ينقصني تلك المعدة التي يمكنها أن تسع ذلك الماء الطيسل).
عندما ينقلب توان إلى زوجته، تدور رحى الشجار بينهما فيبدأ فصل روائي لا يقل عن الفصول المسرحية روعة وبراعة. . . لقد انصرمت على زواجهما ثلاثون عاما، لم ينقض يوم واحد منها إلا والشجار حليفه. . . والذي باعد شقة الخلاف بينهما هو الفرق البين بين روحه المرحة الطروب، ونفسها الصاخبة الصلفة.
كانت امرأة ريفية فارعة الطول تسير في خطوات طوال كأنها البجعة، وقد منحها الله