مع وقت نزول الآية التي شرعت الوضوء وهي آية (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) وهذه الآية مدنية، ومعنى ذلك أن الأمر بالوضوء إنما وقع ذلك في المدينة أي بعد الهجرة. وهذا ما لا يتفق ورواية ابن أسحق كما سترى ذلك في بحث الوضوء والطهور.
وترى الرواية الثانية أن الصلاة إنما فرضت بنزول الوحي مباشرة أي في اليوم الأول من أيام الوحي. (جاء في سيرة الحافظ الدمياطي ما يفيد أن ذلك كان في يوم نزول جبريل عليه الصلاة والسلام له (باقرأ باسم ربك) حيث قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى فيه وصلت خديجة آخر يوم الاثنين. ويوافقه ظاهر ما جاء: أتاني جبريل في أول ما أوحي إلي فعلمني الوضوء والصلاة. فلما فرغ الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها. . . . . . الخ).
وليس هنالك أي دليل قوي يقوي رواية من يقول بأن فرض الصلاة كان في اليوم الأول من نزول الوحي والحديث المشهور عن كيفية نزول الوحي على الرسول ثم ذهابه إلى خديجة وانطلاق خديجة به إلى ورقة بن نوفل لا يؤيد هذه الرواية ولو كان فرض الصلاة في هذا اليوم لوجب نزول الوحي بذلك؛ وكل الآيات القرآنية التي تشير إلى الصلاة هي متأخرة بالنسبة إلى نزول الوحي. وفي سورة اقرأ (العلق) وهي أقدم سورة من سور القرآن ولاشك ذكر للصلاة حيث ورد (أرأيت الذي ينهي عبداً إذا صلى) ولكن الذي نزل في غار حراء من هذه السورة هو إلى (علم الإنسان ما لم يعلم) أي إلى الآية الخامسة، وأما ما بعد ذلك فلقد نزل متأخراً فتكون الآية السابقة متأخرة إذاً، ومعنى هذا أن الأمر بالصلاة لم ينزل في غار حراء أي يوم نزول الوحي على الرسول
إذاً فنحن لا نعرف أول يوم نزل فيه الوحي بالصلاة على وجه التأكيد. ثم إننا لا نعرف كيف بدأت الصلاة. نعم هنالك روايات ولكنها متناقضة وتحتاج إلى بحث عميق. ويجب الرجوع قبل كل شيء ولاشك إلى القرآن الكريم. وإلى ما كتب حوله من تفاسير ومعرفة