للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أثرها في هذا الأدب، شأن كل بيئة في أية أمة من الأمم، ولعل أثر البيئة الطبيعية أكثر وضوحا في شعر أدباء الحجاز منه في نثرهم. .)

ونحن إذا أردنا أن نلتمس الدليل على ذلك وجدناه واضحاً جلياً، فهم مع اطلاعهم على الآداب الأخرى لم ينسوا أن يصفوا جبالهم وهضابهم وما ينبت في أرضهم من أثل وأراك، فعبد الوهاب آشي يقول:

بلاد حبتها الطبيعة ما ... يحبب للقلب أدوارها

جبال تناطح جون السحاب ... وتوحي إلى النفس أفكارها

تنائف تمرح فيها الوحوش ... تساجل في الدوح أطيارها

ومشتبك الأثل في غابها ... كما جارة عانقت جارها

إذا الليل أرخى ستائره ... أرتك الكواكب أنوارها

وفي الأبيات الآتية ما يصور للقارئ ناحية من نواحي الحياة بالجزيرة حيث يقدم استعراض عام للجيوش، فتبدو الخيل صاهلة والإبل ترغو والأعلام خافقة، وقد قيلت في الاستعراض الذي أقيم احتفالا بنجاة جلالة الملك ابن السعود من حادث المطاف ١٣٥٣ هجرية:

في موكب (العرضة الكبرى) وقد لعبت ... فيها الرماح وقامت ترقص القضب

والخيل تصهل والأعلام خافقة ... والأسد تزأر والآفاق تصطخب

والإبل ترغى وأصوات البنادق ... كالرعد المدمدم تروي رجعها السحب

ولما كان اتصالهم بالثقافة الحديثة اتصال الدائب المجد، اتصال الذي لا يترك كتابا ظهر في عالم التأليف حتى يأتي عليه، لما كان هذا فقد رأيناهم يعالجون الموضوعات النفسية ويأتون ببعض من المعاني الفلسفية التي تتصل بالروح والحياة والغرائز البشرية، فأحمد قنديل يناجي الحياة في قصيدة طويلة جاء فيها:

أنا بين ماضي المنير وحاضري الد ... اجي وتحت غمامة المستقبل

متفائل متشائم في فكري الد ... امي عراك هائل لا ينجلي

أبداً أظل برحلتي كالهائم الد ... اعي إليك بحيرة وتأمل

لا تصطفين سوى محب حام حو ... لك هائم متعزز لا يستكين

<<  <  ج:
ص:  >  >>