عش هكذا خافقا يا قلب مكتئبا ... فليس حزنك بعد اليوم بالفاني
أواه! إن جحيم الحب يصهرني ... فما الذي بجحيم الحب أصلاني؟!
لا آخذ الله من أصمي بمقلته ... قلبي وغادرني نهبا لأشجاني
إليه ابعث أتاني مؤججة ... ومنه أقبس أشعاري وألحاني
وفيه ألتذ بالبلوى وأحمدها ... إن كان يرضيه تعذبني وهجراني
وليس عجيبا أن يجيد العربي ذكر الهوى والغرام؛ فهو عفيف لم تلوثه المدنية بآثامها، ولم يسلس قياد المرأة له حتى تنطفئ جذوة غرامة وتحبو حدة حبه. فلا تكاد فتاة المدن في الحجاز تتجاوز عهد الطفولة حتى تحتجب عن الأنظار ويضرب الحجاب بينها وبين الشمال، ويصبح من المحال أن يلتقي شاب بفتاة أو أن يختلس منها نظرة عابرة.
وفي الشباب الحجازي عاطفة متقدة، أملتها عليه طبيعة هذه البلاد المتقشفة. فهو إذا تحدث عن الهوى كان حديثه حديث من حدث شهواته، فخرجت أبياته زفرات وآهات ملتهبة. قال الأستاذ حمزة شحاته:
بعد صفو الهوى وطيب الوفاق ... عز حتى السلام عند التلاقي
يا معافى من داء قلبي وحزني ... وسليما من حرقتي واشتياقي
هل تمثلت ثورة اليأس في وجهي ... وهول الشقاء في إطراقي
أي سهم به اخترقت فؤادي ... حين سددتها إلى أعماقي
إذ تهاديت مبدلا نظرة العطف ... بأخرى قليلة الإشراق
مسرعا في المسير تنتهب الخطو ... فهل كنت مشفقا من لحاقي
وتهيأت للسلام ولم تفع ... ل فأغريت بي فضول الرفاق الخ
أما سوق المدح في الشعر الحجازي فهي نافقة رائجة، ولهذا الغرض شعراء من المدرسة المتئدة قد أجادوا فيه وأكثروا، ولعل الذي جعلهم يجيدون ويطيلون ما وجدوه في جلالة ابن السعود من معان تستأهل المدح وتستحق الإطراء والثناء؛ فهو الذي أمن البلاد بعد خوفها، وهو الذي بعث الحياة في نواحيها فشاد دور العلم واستحث الهمم للنهوض، وهو الكريم الذي يولي الهبات وهو الشجاع الذي أسس الملك على أساس من القوة.
ولا يقتصر المادحون على مدح الملك وإنما يمدحون أبناءه الأمجاد فيجدون عندهم من