الوسطى وقوموا لله قانتين). فإذا كانت صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى فيجب أن تكون وسطا بين صلاتين، وهذا مما يتعارض وكونها أول صلاة صلاها الرسول؛ لأن كونها صلاة وسطى يستوجب وجود صلاة أولى وصلاة أخرى. ثم إن العقل لا يؤيد أن أول صلاة هي صلاة الظهر؛ لأن الصلاة في أكثر الأديان هي في الصباح والمساء نظراً لسهولة معرفة الوقت؛ فلا يعقل أن تكون صلاة الظهر هي الصلاة الأولى) ثم الآيات القرآنية السابقة لا تؤيد الرواية المذكورة أبداً، وكذلك الآيات القرآنية التي نزلت بمكة كما سنرى.
والرواية التي تقول بأن أول صلاة صلاها الرسول هي صلاة الظهر هي رواية نافع، ورواية نافع هذه تحتمل الرفض وتحتمل القبول، ونافع كثير السقطات في الأخبار. على كل فقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود من الصلاة الوسطى صلاة الفجر وذهب بعضهم إلى أنها صلاة العصر. وحتى إذا ذهبنا هذا المذهب لا نستطيع الجزم بأن صلاة الظهر هي أول صلاة صلاها الرسول.
ولكن الذي يستنتج من مختلف كتب السير والأخبار أن الصلاة قبل الإسراء كانت في وقتين فقط وبركعتين: صلاة بالعشي وصلاة بالغداة وهذا ما يؤيد كون الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر. ويؤيد هذه النظرية ما ورد في القرآن الكريم (يا أيها الذين آمنوا ليستأذننكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم) وروي عن مقاتل بن سليمان أنه قال: (فرض الله الصلاة في أول الإسلام ركعتين بالغداة أي قبل طلوع الشمس وركعتين بالعشي أي قبل غروب الشمس).
وهذا هو الرأي المعقول؛ لأن وقت الغروب ووقت الشروق علامتان يمكن إدراكهما بسهولة بدون حاجة إلى تعيين وقت ولا حساب. وأكثر الصلوات في هذين الوقتين، حتى الوثنيين والأقوام البدائية تتخذ هذين الوقتين للاحتفالات الدينية ولإقامة الصلوات والطقوس.
ومما يؤيد هذا الرأي قوله تعالى:(وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) وقوله: (وسبح بالعشي والأبكار) وذهب نفر إلى أن صلاة العشي كانت قبل صلاة الغداة،