اذهب إلى المسرح. . . وأسأل عن الممثل (بليستوف) وإذا لم تسارع بالمضي إلى المسرح فعليك باللبث حتى الثلاثاء القادم أنه لا يحضر إلا كل ثلاثاء. . .) فالتقط مركين الحذاء وأخذ يتساءل وهو ينظر إليه باشمئزاز ونفور (ولكن كيف تعلل أن كلا الحذاءين لا يصلح إلا للقدم الشمال). فقال سميون وقد نفذ صبره:
(أي قدر قذف بذلك الممثل؟ أنه لأفقر خلق الله قاطبة. . . وقد قال لي (أين الممثل الذي يمكنه أن يبتاع حذاء) فقلت له (ولكن من العار يا بافل الكسندرتش أن تحتذي ما لغيرك) فراح يصيح (أمسك لسانك ولا تجعلن أبطش بك. . . ألا تدري أني أقوم بتمثيل الأمراء والعظماء). ثم انصرف في حذائك. . . إنها لعمري شرذمة من الطغام. . . أولئك الممثلين. . . آه لو أني الحاكم بأمره أو أي شخص ذو سلطة (لجمعت هؤلاء الممثلين. . . وزججت بهم في أعماق السجون. . .).
وبين الزفير والأنين. . . التقط مركين الحذاءين الشماليين ولبسهما. . . ونهض وهو مقطب الجبين، كاسف البال يعرج في خطوته إلى دار الجنرال (شفليتسين). . . وأمضى يومه جله في المدينة ينتقل في أنحائها لضبط بيان كل من يود. وكان يتوهم أن الجميع يتطلعون إلى حذائه الذي عفا عليه الزمان. بلى كعبه، وذهب لونه. . . وقد أصيبت قدماه بالورم من جراء ما كان يعانيه من آلام شتى قاسية. . .
وما كاد المساء يشعل الكون، حتى أسرع مركين إلى المسرح حيث كانت تمثل رواية (الطائر الأزرق). وكان التمثيل يشرف على النهاية. . . فاتصل مركين بعازف الناي في الجوقة الموسيقية - وكانت بينهما صداقة - ليعينه على التسلل إلى ما خلف المناظر المسرحية. ثم لم يلبث أن دلف إلى (غرفة ثياب الممثلين) حيث وجد بعضهم بغير أرديته، والبعض يدهن وجهه، والباقي ينفث دخان لفائفه. . .
ووقف الطائر (الأزرق) يعرض على (الملك بوبش) غدارة في يده ويقول:
- (يجمل بك أن تشتريها، فقد ابتعتها من (كيرسك) كرهينة بثمانية (روبلات)، ولكني سوف أدعها لك نظير ست فقط. . . إنها رائعة بلا شك).
- (حذار. . . فهي محشوة بالبارود كما تعلم) اقترب مركين في تؤدة وقال:
- (هل لي أن أتشرف بمحادثة السيد بليستنوف؟!) فالتفت إليه (الطائر الأزرق) وقال: