ويشتهر عن اليابانيين أنهم يقلدون كل شيء ولكنهم لا يبتكرون شيئاً، هذه الصفة الشائعة هي نصف الحقيقة فقط، فهم يخترعون بالقدر الذي يقلدون به، ففي المكتب الإمبراطوري لمنح رخص الامتياز يشتغل نحو من ٨٠٠ خبير يتسلمون كل عام نحوا من مائة ألف طلب لمنح رخص الامتياز، وفي كل عام يمنح نحوا من عشرين ألف رخصة امتياز، وإن مصانع أوربا وأمريكا لترقب باهتمام الاختراعات اليابانية وتقتبس كثيراً منها.
وأنه ليخيل إلينا أن آلاتنا الكاتبة تلك التي تحول ستة وعشرين حرفاً إلى كلمات معجزة من معجزاتنا، فما ظنك إذن بالآلة الكاتبة اليابانية التي تتجمع فيها مجموعة من الرموز لآلاف الحروف؟
وكان من بين ما عرض في أحد معارض الاختراع هذه المخترعات: آلة للصور المتحركة للاستعمال المنزلي، لجهاز التلفزيون يستخدم في البيت، سيارة تستطيع أن تنحرف بسرعة في شتى الاتجاهات، آلة تختبر بها البيضة إذا ما كانت طازجة دون أن تفتحها، مادة للبناء مصنوعة من قشر الأرز المهمل، آلة متحركة للتصوير تستطيع أن تلتقط ٦٠. ٠٠٠ صورة في الثانية وهي سريعة بحيث تصور حركة الموجات الصوتية.
وهناك جامعة غريبة ليس غرضها تعليم الفنون وإنما غرضها الرئيسي الابتكار والاختراع. وقد أخذتني الدهشة عندما دخلت بعض الدور حيث كانت تجرب وتختبر بعض الاختراعات الحديثة؛ فهنا أحد الباحثين الذين يبحثون في تركيب المطاط، وباحث آخر يجرب دهاناً للتلوين لا تكون له قشرة، وثالث يختبر مادة من الأسمنت لا تتشقق، ورابع يجرب عضواً آلياً يتحرك بنفسه دون أن يمسه أحد، فقط إذا ما مرره أحد يده خلال الهواء. وقد دخلنا مخزناً يشبه الثلاجة كانت درجة حرارته ٤٠ْ فرنهيت تحت الصفر فتساءلت عن الفكرة في ذلك فعرفت أن الغرض من ذلك هو إيجاد جو يشبه شتاء منشوريا تجرب فيه مدى تحمل بعض المواد في مثل هذا الجو، وقد دخلنا غرفة أخرى كانت حرارتها عالية تبلغ ١١٠ْ ودرجة رطوبتها ٨٥ % وهي تمثل المناخ المداري داخل أربعة جدران، وانك ترى أن اليابان قد امتدت إلى المنطقة المدارية. ومن يدري لعلها تمتد في أحد الأيام إلى المنطقة الحارة. وعلى كلٍ فيجب علينا أن نستعد علميا لذلك اليوم إذا ما جاء، ولذلك فقد