للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنتجنا مواد للبناء وأطعمة وملابس وأدوية تلائم مثل هذه الجواء، ثم ذهبنا إلى أحد أقسام الهندسة حيث كانت تمارس بعض التجارب لبناء منازل من الحجر والصلب تتحمل هزات الزلازل وضربات القنابل، فإننا نعلم أن اليابان معرضة للغزو من الجو ولكن سيذهل العدو حينما يحس بالمقاومة العجيبة لمنازلنا الحديثة وهو فوق كبرى مدننا.

ويبدو لنا أن كل ياباني ينظر بإحدى عينيه الآلة التي في يده وبعينه الأخرى إلى السياسة الدولية، فقد قال الدكتور (كيفوشيتا) نحن نحب اليابان أولاً ثم العلم ثانياً. هذه هي أعظم نواحي اليابان العلمية خطراً ذلك أن يقتصر العلم على نفع اليابان دون العالم، فالعالم الحقيقي هو الذي يصادف انتشار المعرفة الإنسانية هوى في نفسه ولذة دون أن يحسب حسابا للحدود السياسية، ولكن لشد ما يدهشك من العالم الياباني أنك تراه يعتقد بهذه الأسطورة الخيالية التي تشير بأن الإمبراطور هو من سلالة آلهة الشمس، ولذلك فهو يستمد حقه الإلهي في حكم الأرض.

وقد أرهقت الحرب قوة الاختراع في اليابان، فقد تفادوا النقص في الحديد بصنع الراديو والمفصلات وقبضات أيدي الأبواب بالورق لمضغوط، واستعاضوا عن اللبد بمادة مصنوعة من عشب البحر والأصداف، وأنتجوا من قشرة السمك جلوداً يستعيضون بها عن النقص في الجلود، ولنقص الصوف صنعوا شيئاً يماثله من مادة السوباتين، ولحاجتهم لإبر الفونوغراف استعاضوا عن الصلب في صنعها بمادة البامبو، وصنعوا الدراجات من الورق المقوى بدلا من الحديد؛ وقد أنشئوا سيارات تسير بفحم الحطب بدلا من الجازولين.

والبحث عن اللآلئ هو أعظم أعمال اليابانيين مهارة، وفي العادة قد توجد في كل بضعة مئات من ألوف الصدف صدفة واحدة تحوى لؤلؤة، وأنه لأيسر أن نبحث عن إبرة في كومة من القش عنه في بحثنا عن لؤلؤة في داخل صدفة. وأنها لحيرة مسلية أن تزور إحدى مناطق اللآلئ، حيث ترى الفتيات يغصن لمسافات عشرين قدما في قاع البحر ليجلبن الأصداف التي توضع في قصعة ثم تؤخذ إلى المعمل لفحصها.

وقد كان منزلنا المصنوع من الورق على شاطئ البحر في هياما منزلا جميلا ولكنه لم يكن مريحاً، وكان علينا أن نعيش فيه عاما على أقل تقدير تلك الحياة التي يعيشها اليابانيون لنستطيع أن نفهمهم حق الفهم، ولكننا أحضرنا في نهاية ذلك العام بعض وسائل الراحة

<<  <  ج:
ص:  >  >>