كانت الشمس عندئذ توشك أن تغيب، وعندما انحدرت أرسلت أشعتها الصفر على المياه المترقرقة، فلاحت كأنها الدماء الدافقة من الجرح المنفتح في صدر (دنكان) الجسور. وعندئذ رفع (دنكان) رأسه في إباء، وأجال نظره في السهول الممتدة أمامه، وقد تملكته نشوة غبطة ورضا وخيلاء. وخر في تلك اللحظة صريعاً على الأرض، وقبل أن يطلق نفسه الأخير هتف قائلا:(ما أشهى الموت فيك يا أرض الحرية والكرامة!)
وكأنما روحه القوية حلت في الغابة، فارتجفت حينئذ أشجارها وسمع لها أنين وعويل
وانتشى القوم غبطة بالخلاص في نهاية الرحلة، حتى لقد نسوا (دنكان) وفضله عليهم، فلم يسؤهم موته، ولم يأبهوا حتى بقلبه الذي كان في تلك اللحظة يشرق عليهم ويباركهم وهو مطروح بجانب جثته الساكنة الخرساء، لولا أن واحداً منهم دلف إليه في خوف وحذر، وأرسل يمينه نحو ذلك القلب المشتعل، وما قارب يمسه بإصبعه حتى انفجرت تلك الشعلة، ثم تلاشت أنوارها في الفضاء. . .