وعبارات واضحة في شعر المعري يدركها كل أديب. وليس فيها خواطر أو هواجس.
وقد قلت أني لم اطلع على كتاب فروخ قط، وقال هو إن كتابه أرسل إلى العالم العربي والى لندن، وأن (العالم الحقيقي لا يهجم على عمل مثل هذا إلا بعد أن يتقصى الكاتب ويفتلي الكتب والمجلات).
فإما إرسال كتابه إلى لندن أو إلى الصين فلا ينفي ما قلته صادقاً، أني لم اطلع حتى هذه الساعة على كتابه. وأما أن العالم ينبغي أن يتقصى المكاتب فقد أردت أن أستخرج من اللزوميات أبي العلاء تاريخها فلم يكن لي مصدر سواها. وإن كان جهلي كتاب عمر فروخ عيباً فأنا لا أخفي عيبي وأقول خجلا: إني والله أجهل عمر فروخ أيضاً. وأقر بهذا الذنب، فليغفر لي ولا غضاضة عليه في هذا فقد جهلني هو فلم يعرف أخلاقي وسيرتي.
وبعد فقد كان حسب الدكتور عمر أن يقول رجل مثلي أنه لم يطلع على كتابه. كان هذا حسبه لو كانت أخلاقنا تستعظم أن يكذب باحث ديدنه طلب الحق مخلصاً. لو كان لنا نصيب من أخلاق العلماء لكان قولي فيصلا في القضية.
وأختم كلامي في هذا الموضوع بأن أقول: إني أرى من هواني على نفسي وضياع وقتي، أن أشغل نفسي بجدل ابتدأه صاحبه بهذا العدوان وهذا الافتراء وهذا التسرع. فلن أكتب من بعد في هذا الموضوع حرفاً. فمن شاء أن يجادل بالباطل ليعرف بنفسه فلا حيلة لي فيه.
عبد الوهاب عزام
المعري وعين سلوان:
أبو العلاء المعري (نابغة الأدب العربي) أعجوبة من أعاجيب الزمان، فقد كان وهو منقمع قابع في حجرته يطل على الدنيا فيعلم مجهولا، ويرى خفياً.
هذه عين سلوان، قل من يعرف من أهل القدس خاصتهم وعامتهم - وسلوان قرية تجاورهم - أن ماء تلك العين يقارب في ملوحته ماء زمزم.
إن أبا العلاء قد عرف ذلك، وذكر الماء وعينها في شعره فقال في لزومية:
وبعين سلوان التي في قدسها ... طعم يوهم أنه من زمزم