يمنع من انفصالنا كأصدقاء. . . فما رزقنا الله طفلا نتنازع عليه، وكل منا له دخل يغنيه عن صاحبه
- لن أنحى باللائمة عليك، فهذا هو السبيل الذي سلكه كل فرد من أفراد أهلك (آل برسي) من الأب إلى الابن، وكان والداك - كما أنبأتني - على غير وفاق، لم يفلحا في العيش معاً أكثر من أسبوعين، وهذه هي العلة في أنك الابن الوحيد لهما. . . وأخيراً يجب علينا أن نقلب أوجه الرأي في الطريق اللائق إلى الانفصال!
وكان (مسيو دي برسي) يتلقى ذلك السيل الجارف بهدوء وسكينة، ويهز كتفيه من حين إلى حين، أو يقلب شفتيه في زفرات تنم عن نفس مضطربة أو قلب مكلوم. . . راح يقطع الغرفة في خطوات واسعة، ويداه معقودتان خلفه، كما كان يفعل (نابليون بونابرت) عندما تسير الأمور بما لا يشتهي. . . وإذا ما كفت زوجته عن الحديث واجهها، وأخذ يصعد فيها طرفه في اضطراب من جرحت كبرياؤه ومست كرامته قائلا: أأفرغت جعبتك؟)
- بلى، لقد أتيت على كل ما كان يجيش في نفسي
- إذاً، كما تودين يا عزيزتي. . . أنت ترغبين في الانفصال. وسأجيبك إلى طلبتك، وسيعيش كل منا في عزلة عن الآخر - أنت حري بأن تفعل ما تراه!
- شكراً. . . ولكني أمنعك من الاتصال بغيري
- إن هذا لا يدور بخلدي. . . إذا ما انفصلنا فسأعيش لنفسي، ولن أجد في طلبة غيرك. . . لقد كنت مخلصة لك في زواجي، وسأظل على إخلاصي في عزلتي. . . أليس هذا ما ترمي إليه؟!
- لا، ليس هذا كل ما أود، فينبغي أن يعرف كلانا مصير صاحبه!
- مصير صاحبه! أننا نعلمه جيداً، راحة وهدوء، ثم طعن في العمر، وأخيراً المقبرة حيث المثوى الأخير.
- ليس هذا! دعيني أتحدث! كل منا حر في اختياره مصيره، ولكن هناك أمر يجب ألا نغفله، فيحسن بنا أن نجعل هذا الانفصال بيننا فقط، ويخيل إلي أنك تحبذين ذلك!
- حسن، ولكن هذا السر لا يلبث أن يذاع في النهاية!
- ليس طفرة واحدة، فيخف وقعه ووطأته، ولهذا يجمل بي أن أقول: أنه ينبغي أن ندر