للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصحراء الشرقية والسودان. وإن جغرافيي العرب الذين أشار إليهم الدكتور مأمون عبد السلام لم يذكروا البشاريين والعبابدة بين قبائل البجة التي وضحوها في مؤلفاتهم التي اطلعنا عليها

ومما لا شك فيه أن هناك من تعرب من سكان السودان والصحراء الشرقية وبلاد النوبة القدماء، واندمج اندماجاً كلياً في العرب، وأنه تجرى في عرب هذه الجهات حفنة من دم غير عربي، لأنه من عادة العرب أن يتزوجوا من أهل البلاد التي يحلون فيها ويتسرون، وهذا لا يؤثر في عروبتهم، لأنه من عاداتهم أيضاً أن لا يزوجوا بناتهم لغير بني جلدتهم، مع أن سكان الأقطار الأخرى لا يتمسكون بهذه العادة، وليس عرب السودان وحدهم الذين تجري في عروقهم حفنة من دم أجنبي، فإن عرب الأقطار الأخرى هم بالمثل تجرى في عروقهم دماء غير عربية، وقل أن يوجد الآن على وجه الأرض أمة لم تختلط أصولها، إذ لا جدال في أن شعوباً غير عربية وجدت أو مرت بسوريا وفلسطين والعراق واليمن ووادي النيل في القرون الخالية، ولكن بمرور الزمن صهرت بقاياهم في بوتقة العروبة، وذابت في الأمة العربية الحديثة، وهذا لا يضيرهم في عروبتهم، فإن كل من كان لسانه عربياً فهو عربي وقد منح الإسلام الجنسية العربية لكل من تكلم بالعربية، فقد روى الحافظ ابن عساكر قال: جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي فقال: الأوس والخزرج قاموا بنصرة هذا الرجل (يعني أنهم نصروا النبي لأنهم قومه) فما بال هذا وهذا؟. . . فسمع النبي صلى الله عليه وسلم بمقالته، فقام مغضباً يجر رداءه حتى أتى المسجد، ثم نودي الصلاة جامعة (فاجتمع الناس). وقال محمد صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس، إن الرب واحد، والدين واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان، فمن تكلم بالعربية، فهو عربي)

أما قبائل البجة التي ذكرها جغرافيو العرب كالمسعودي والمقريزي وغيرهم فهي:

البازة والباريه والخاسه والحدارب والزنافج.

وإن منطقتهم كانت تمتد قديماً في شرق أفريقيا من صحراء قوص بالقطر المصري إلى بلاد الحبشة، وعاصمتهم كانت مدينة هجر، وفي وقتنا الحاضر يقيمون في القسم الجنوبي من تلك المنطقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>