وفيما بعده من العصور، وإن الكثير من هاجر إلى الصحراء الشرقية وبلاد النوبة والسودان، وخصوصاً في زمن حكم المماليك الذين أذلوا العرب واضطهدوهم في الديار المصرية
وإن عرب السودان والصحراء الشرقية وبلاد النوبة يحفظون أنسابهم التي توارثوها عن أسلافهم. وقد جاء في القول المأثور:(إن الناس مصدقون في أنسابهم). وهذا ثبت كاف لهم، وعلاوة على ذلك فإنهم يتكلمون باللغة العربية إلا بعض قبائل في الصحراء الشرقية، وبلاد النوبة تعد على أصابع اليد، اتخذت البجاوية أو النوبية لغة لها بحكم البيئة التي وجدت فيها
ومما نأسف له أن بعض كتاب مصر النابهين ممن ظهروا أخيراً وهم أحق بعرفة السودان وساكنيه من أولئك المستشرقين وغيرهم كتبوا عن أنساب قبائل السودان والصحراء الشرقية وبلاد النوبة متأثرين بأقوال المستشرقين والسوريين الخاطئة، لا كتابة من يعرف سكان تلك الجهات معرفة درس وتمحيص أعمق وأصح من الأساطير والمعلومات المتناثرة التي وضعها المستشرقون وكتاب سوريا، وهي أقوال لا تستند إلى أي ثبت وإقامة تلك القبائل في إقليم كان يسكنه في القرون السحيقة أقوام ليسوا من العرب، وإليك نبذاً من أقوال بعض كتاب مصر في هذا الموضوع:
قال علي باشا مبارك في الخطط التوفيقية:(يظن أن عرب العبابدة من البجة). وقال الأستاذ البتنوني في كتاب (الرحلة الحجازية ما ملخصه: (يقال إن البهجة من عرب البربر ومنهم العشابات، وهم فخذ من العبابدة، ويقيم أناس من العشاباب في اللقيطة بين قفط والقصير). وقال الدكتور مأمون عبد السلام في مقالة نشرتها له جريدة الأهرام في سنة ١٩٣٩م ما ملخصه:(إن جغرافيي العرب وصفوا الصحراء الشرقية وتكلموا عن سكانها من البجاة، وهم البشاريون وأقرباؤهم العبابدة، فذكرهم المسعودي وابن الأثير والمقريزي) اهـ
وأقوالهم هذه لا صحة لها، فالظن ليس حجة، وإن عبابدة عرب البربر هم فخذ من قبيلة هواره، وقد ذكرهم القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى)، ويقيمون في الوجه البحري بالديار المصرية، ولا تربطهم أي صلة نسب بالعبابدة بني الزبير ممن يقيمون بصعيد مصر