فطرحه (جاجن) على منكبيه، ومضى في هدوء إلى غرفة زوجه. . .
أما (ماريا ميلوفنا)، فلبثت تنظر بعلها في قلق وهي تهس وتهجس:
- لقد مضى منذ حين ولم يؤب! لعل ذلك الجندي الشرير لبط به الأرض. . . لعل. . . لعل. . .
وعادت تصور بيراع الخيال صورة لزوجها، وهو يمضي في ظلام المطبخ. . . ضربة أم رأسه من فأس. . . موت بلا نبس، ودم يتدفق من جروح مثخنة. . . وانقضت إثر ذلك خمس دقائق في إثرها خمس. . . ثم نصف ساعة. . . وأخيراً هاهي ذي الساعة قد بلغت السادسة ودقاتها ترن في جوف الليل البهيم فتزيده رهبة وجلالا. . . فتبلبل جبينها بعرق بارد وهي غارقة في فراشها، وصاحت على غرة:(باسيل. . . باسيل. . .) فأجابها صوت زوجها على مقربة: (ماذا دهاك؟! لم تصرخين هكذا؟ هاأنذا. . .)
- أأصابك سوء؟!
- سوء؟ كلا. . .
ومضى إلى حافة الفراش وهو يقول:
- (ليس هناك أحد على الإطلاق! إنها أوهامك وقسوتك على هاته المخلوقات. . إن بلاجا لا تقل عنك عفافاً وصوباً. . . كم أنت حمقاء! كم أنت. . .)
وراح ذلك السيل من السباب واللعن يتدفق من فم (جاجن) لقد داعب الأرق جفونه فعبثاً يحاول النوم ثانية. . . فقال وهو يضحك:
إنك لواهمة، مجهدة الأعصاب. . . ويعوز نفسك المضطربة فترة من الراحة. . . يجمل بك أن تذهبي في الغداة إلى الطبيب فتخبريه بهذه الأوهام والخيالات. . . فيتبصر في حالتك ويصف لك ما يريح أعصابك المكدودة). . .
فقاطعته زوجه قائلة:
- (ما هذا!! رائحة. . . قطران!! أو شيء آخر كالثوم أو البصل إن يتخلل أنفي في حدة. . .).
- (نعم! ثمة رائحة غريبة. . . لست بنائم. . . سأشعل الشمعة، أين أعود الكبريت. . . آه تذكرت، سأعرض عليك صورة لمحصل قصر (جستيل) العظيم. . . فقد أعطى كل من