أوربيون حين يذكر الأمان انهم آريون، أو يذكر الإنكليز انهم من سلالة الانجلوسكسون، أو انهم بريطان (غير قاريين).
وهناك بول فاليري الذي يرجع بكل شيء في أوربا وفي المسيحية إلى رومة لأنة جاء من أب فرنسي وأم إيطالية، وكلاهما من عنصر اللاتين.
وهناك بول فاليري الذي يجعل الهندسة الإغريقية نموذج العلم الإنساني لأنه هو درس الهندسة واستوعب الكثير من آثار حكماء اليونان.
وهذه هي بعض دلائل المزاج التي تنطوي بين السطور، فضلا عن دلائله التي تبدهك منه بغير تنقيب طويل.
لست أنسى خيبة الأمل التي فجاني بها بول فاليري في أول عهدي بالمطالعة الفرنسية؛ فإنني تعلمت الفرنسية في السجن فاستطعت بعد أربعة أشهر أن أقرأ أناتول فرانس وبير لوتي واندريه موروا بغير مشقة أو رجوع كثير إلى المعجمات الميسورة؛ فحيل إلى أنني قد استغنيت عن المترجمات في قراءة الأدباء الفرنسيين من محدثين وأقدمين. ثم جربت هذه المعرفة بعد خروجي من السجن في اندريه جيد ويول فاليري فإذا بي أرجع إلى المترجمات الإنكليزية ولا أزال أرجع إليها حتى اليوم.
وأحب أن أقول إنني أرى في أدب (بول فاليري) رأيا لا يمتزج بمرارة تلك الخيبة لأنه لم يذهلني عن محاسنه ولم يحملني على المبالغة في عيوبه.
فالرجل لا شك مثل معدود من أمثلة الثقافة الفرنسية في القرن العشرين، وله ولا شك رأي رجيح وقول رصين وتفكير قويم، ولكنني لا أذكر أنني أطلعت في كلامه الذي قرأته - وهو غير كثير - على فكرة رائعة أو غوصة عميقة أو نفخة تتجاوز طاقة الأوساط من الكتاب، فهو متين راسخ على وجه الغبراء، ولكنه لا يحسب بين أصحاب الأوج ولا بين أصحاب الأعماق.
وله نظرات في نقد الأدب والأدباء يقرأها القارئ فيقول صحيح صحيح! أو جميل جميل!. . . ولكنه لا يراع بها ولا يفاجأ بها ولا يخرج بها عن الجادة المطروقة إلى معرج غير مطروق.
ومن الأمثلة الصادقة لأسلوبه في النقد وصفه لاناتول فرانس - وقد خلفه في المجمع